الغزل الصريح: مفهوم ومميزات
يُعد الغزل الصريح نوعًا من الشعر الذي يُبرز جمال المرأة الجسدي، ويأخذ الشاعر في تصوير مشاعره ولذاته في إطار الحب واللهو. يقوم الشاعر بذكر أسماء محبوباته بشكل متتابع، حيث ينتقل من واحدة إلى أخرى دون التقيد بواحدة منها فقط. وقد نشأ هذا النوع من الغزل في العصر الجاهلي، وقام بإعادة إحياءه من جديد في العصر الأموي بعد فترة من الخفوت في العصر الإسلامي والخلافة الراشدة.
أصول الغزل الصريح في العصر الأموي
تألقت الحواضر الإسلامية خلال العصر الأموي كمراكز ثقافية وحضارية، مثل بغداد والكوفة ودمشق ومكة والمدينة. كل مدينة كانت تتميز بجوانب خاصة من الحياة الثقافية والأفكار. وقد استقطبت مكة والمدينة ثروات هائلة، حيث قدم الخلفاء المنح والعطايا لثني الناس عن التفكير في الخلافة. ومع دخول عناصر غير عربية، مثل الفارسية، وإدخال مظاهر الترف واللهو، وتغيير مركز الخلافة من المدينة إلى دمشق، ظهرت مظاهر الفرح والرفاهية.
تعد هذه العوامل بمثابة عوامل مساعدة لظهور نوع من الحياة الاجتماعية المتحررة والشباب الذين استمتعوا بما وفر لهم من خيرات، مما ساهم في انتشار اللهو والطرب. وقد تطور هذا المجتمع ليعبر عن الغزل الصريح بصورته المادية.
شخصيات بارزة في الغزل الصريح
ظهر عدد من الشعراء الذين تميزوا بالغزل الصريح ومن أبرزهم:
عمر بن أبي ربيعة
وُلِدَ عمر بن أبي ربيعة في السنة الثالثة والعشرين للهجرة لعائلة ثرية، حيث كان والده ينتمي لقبيلة قريش. وعاش عمر حياة مظفرة، حيث تميز بجماله ومظهره الأنيق. اشتُهر بكتاباته عن حب النساء بصورة صريحة، حيث كان يصور نفسه كمعشوق يُحب ويحترم جميع تفاصيل جسد المرأة. من جهة أخرى، كان يعبر أحيانًا عن جمال الروح الداخلية للمرأة، مما جعله واحدًا من أبرز شعراء الغزل في عصره.
نموذج من شعره:
مَرَّ بي سِربُ ظِباءِ رائِحاتٍ مِن قُباءِ
زُمَراً نَحوَ المُصَلّى مُسرِعاتٍ في خَلاءِ
فَتَعَرَّضتُ وَأَلقَي تُ جَلابيبَ الحَياءِ
وَقَديماً كانَ عَهدي وَفَتوني بِالنِساءِ
الأحوص
الأحوص، هو عبد الله بن محمد بن عبد الله، الذي انتسب لصحابي استشهد في الجهاد. وقد تأثر بالأدب القائم على الغزل الصريح في شعره. على الرغم من أن عائلته لم تكن ثرية كما كان الحال مع عمر بن أبي ربيعة، فقد سعى إلى كسب العطايا من الخلفاء من خلال مدحهم. لكن ممارسته للغزل صادفت نفورًا من النساء بسبب صراحته.
نموذج من شعره:
تَعَرَّضُ سَلماكَ لَمّا حَرَمـتَ ضَلَّ ضَلالُكَ مِن مُحرِمِ
العرجي
عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان، وُلِد في مكة، وكانت له قرية قرب الطائف تُسمى “عرج”. اتبع نهج عمر بن أبي ربيعة في استخدام الغزل الصريح، لكنه كان يميل للصراحة الفاحشة أكثر، وأظهر أيضًا مهارته في الفروسية في شعره.
نموذج من شعره:
يا دارَ عاتِكَة الَّتي بِالأَزهَرِ أو فَوقَهُ بِقَفا الكَثِيبِ الأَحمَرِ