تعريف مسند الإمام أحمد
المُسند هو أحد الأنماط الأساسية في كتب الحديث، ويُشير مصطلح المُسنَد إلى الكتاب الذي يخصص مصنفه اتجاهاً خاصاً بترتيب الأحاديث الواردة عن كل صحابي على حدة. ويقول الخطيب البغدادي -رحمه الله- في تعريف المُسنَد: “بعضهم يفضل تخريجه وفق المسند، وتجميع الأحاديث الخاصة بكل صحابي”. وقد بدأ اهتمام العلماء بتصنيف هذا النوع من الكتب الحديثية في بدايات تدوين السنة النبوية، أي في أواخر القرن الهجري الثاني.
وبالاستناد إلى ذلك، يُعتبر مُسنَد الإمام أحمد الكتاب الذي ألفه الإمام أحمد بن حنبل، حيث جمع فيه الأحاديث النبوية ورتبها وفق أسماء رواة الأحاديث من الصحابة الكرام. وقد بدأ الإمام أحمد عمله هذا بعد عودته من زيارته للإمام عبد الرزاق الصنعاني في اليمن، وتوفي -رحمه الله- قبل أن يكمل تنقيح الكتاب، مما يفسر وجود بعض التداخل في المسانيد وتكرار لبعض الأحاديث.
أسلوب تصنيف مسند الإمام أحمد
الإمام أحمد اعتمد في تصنيفه للمُسند على عدم رواية الأحاديث إلا عن الثقات، وقد يكن هذا الأسلوب ليس مطبقاً على كل ما يحتويه المسند من أحاديث. يتضح ذلك بشكل خاص في الروايات التي نقلها من الرواة الأحياء.
وفي هذا الإطار، يذكر ابنه عبد الله: “كان أبي إذا أحب إنساناً وثق به، نقل عنه وهو حيّ”. كما كان الإمام أحمد يُكثر الرواية عن بعض الثقات، مما يدل على مستوى الثقة التي كان يُوليها لهم.
ما يحتويه مسند الإمام أحمد
تشمل محتويات مسند الإمام أحمد على ثمانية عشر مسندًا وفقاً لابن حجر وآخرين، بينما ذُكر في بعض الأقوال أنه يحتوي على ستة عشر مسنداً. وقد قال ابن حجر إن من اعتبر ذلك قد دمج بعض المسانيد في بعضها. والمقصود بالمُسنَد في هذا السياق هو جزء من الكتاب الذي يُجمع فيه الهندسة أحاديث بطريقة مُنسقة، وترتبط ببعضها البعض وفق تسميات عامة، مثل مسند آل هاشم ومسند الأنصار.
بالنظر إلى المسانيد التفصيلية، والتي تتضمن أحاديث كل صحابي في مجموعة مخصصة، نجد أن المسند يحتوي على ألف وستة وخمسين مسنداً وفقاً لما ورد عن ابن عساكر، كما يحتوي أيضاً على حوالي ثلاثين ألف حديث بعد حذف الأحاديث المكررة التي أضافها ابنه عبدالله.
عند حساب الأحاديث المعاد ذكرها والزيادات، يمكن أن يصل عدد أحاديث المسند إلى أربعين ألف حديث. ويجدر بالذكر أن المسانيد تعتبر بعد كتب السنن في مرتبة من حيث الصحة، حيث يقوم مؤلفوها بجمع أحاديث كل راوٍ دون تمييز بين الصحيح والضعيف. ويحتوي المسند على أحاديث من كافة الأصناف، وقد فسر العلماء شرط الإمام أحمد بعدم الرواية إلا عن أهل الثقة على أنه يتعلق بأصول الأحاديث.
آراء العلماء حول مسند الإمام أحمد
فيما يلي بعض الآراء والأقوال التي أبدى العلماء بها وصف مسند الإمام أحمد:
- قال أبو موسى المديني -رحمه الله-:
“هذا الكتاب يُعتبر أصلًا كبيرًا ومرجعًا موثوقًا لأصحاب الحديث، فقد انتُقي فيه عدد كبير من الأحاديث والمرويات، مما جعله قيماً ومرجعاً، ويُعد ملاذًا عند الاختلاف”.
- قال الذهبي -رحمه الله-:
“إنه يتضمن معظم الأحاديث النبوية، ومن النادر ألا يكون في كتب المسند حديث معروف، ونادراً ما تجد فيه بياناً ساقطاً”.
- قال ابن حجر العسقلاني -رحمه الله-:
“لا يُمكن إنكار أن مسند الإمام أحمد يحتوي على أنقى الأحاديث وأفضل الرجال مقارنةً بغيره، وهذا يدل على دقة اختياره”.
مؤلفات مرتبطة بمسند الإمام أحمد
لقد أولى العلماء اهتماماً كبيرًا بدراسة مسند الإمام أحمد، وكتبوا مؤلفات متعددة يعالج فيه هذا المسند، منها ما يشمل الشرح، ومنها ما يتناول جمع أسماء رواة الأحاديث وغيرذلك. إليكم بعض من تلك الكتب:
- ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج لهم أحمد بن حنبل في “المسند” لابن عساكر.
وهو كتاب مدوّن تم فيه تنظيم وإحصاء أسماء الصحابة المذكورين في المسند، ويحتوي بالإضافة إلى هدفه الرئيسي على العديد من الفوائد الحديثية.
- غاية المقصد في زوائد المسند، للهيثمي.
وهو عمل مطبوع في مجلدين، حيث أظهر الهيثمي الأحاديث الموجودة في المسند والتي لم تُذكر في أي من الكتب الستة، ورتب هذه الأحاديث اعتماداً على موضوعاتها.
- ترتيب المسند المعروف بـ “الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري”، لابن زكنون.
هنا قام المؤلف بتصنيف الأحاديث وفقاً لأبواب صحيح البخاري.
- شرح المسند، للشيخ أبي الحسن السندي.
تم وصف هذا الكتاب بأنه مختصر ومفيد في شرح محتوى المسند.