تأثير التدخين السلبي على صحة القولون
ليس هناك شك في أن التدخين يسبب أضرارًا جسيمة للقلب والجهاز التنفسي والرئتين بصفة خاصة. مما لا يُمكن تجاهله هو التأثيرات الضارة للتدخين على صحة القولون والمستقيم. إذ يُعتقد أن السموم والمواد المسرطنة الموجودة في دخان التبغ قد تُلحق أذىً بالحمض النووي وأنسجة الجسم على مر الزمن، مما قد يؤدي إلى بروز العديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقولون. وفي السطور التالية، سنستعرض بتفصيل تأثيرات التدخين على صحة القولون.
علاقة التدخين بالقولون
تعرف متلازمة القولون العصبي، والتي تُعرف أيضًا بمصطلح متلازمة القولون المتهيج (IBS)، بأنها اضطراب مزمن في الأمعاء الغليظة يتطلب علاجًا طويل الأمد. وهي حالة شائعة ولا تعتبر خطيرة أو معدية، إلا أن المريض قد يشعر بالقلق والانزعاج من الأعراض، مما يؤثر سلبًا على نشاطاته اليومية. يعاني كثير من مرضى متلازمة القولون العصبي من تحسس الجهاز الهضمي تجاه بعض الأطعمة، مما يُسبب تهيّجًا في القولون ويظهر أعراضًا غير مريحة عند تناولها.
يُعتبر التدخين أحد العوامل الرئيسية التي تُعزز تفاقم أعراض متلازمة القولون العصبي. إذ تؤدي مكوناته إلى دخول مجرى الدم وتؤثر على الجهاز الهضمي بأكمله، مما ينجم عنه تفاقم مجموعة من الأعراض مثل آلام البطن والتقلصات والإسهال والإمساك، فضلاً عن الشعور بالانتفاخ والتجشؤ وتجمع الغازات. كذلك، يمكن أن يسبب التدخين حرقة المعدة وارتجاع أحماض المعدة، وهما حالتان شائعتي الحدوث بين مرضى متلازمة القولون العصبي. تأثير التدخين على الجهاز الهضمي يمكن أن يُضعف العضلة العاصرة للمريء، مما قد يزيد من إنتاج أحماض المعدة ويؤدي إلى تدفقها إلى الجزء السفلي من المريء. في الوقت ذاته، يقلل التدخين من مستوى مادة بيكربونات الصوديوم التي تُنتَج بواسطة البنكرياس، وهي مادة أساسية لمعادلة أحماض المعدة.
التدخين وأمراض الأمعاء الالتهابية
هناك نوعان رئيسيان من أمراض الأمعاء الالتهابية، وهما داء كرونز والتهاب القولون التقرحي. فيما يلي سنتناول تأثير التدخين على كل منهما:
- داء كرونز: يُصيب عادة الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة، مُسببًا الإسهال وتقلصات البطن. اظهرت الدراسات أن التدخين قد يزيد من احتمالية الإصابة بداء كرونز. يحتوي دخان التبغ على مجموعة من المركبات مثل النيكوتين والجذور الحرة وأول أكسيد الكربون، التي ممكن أن تؤثر على الأمعاء بعدة طرق. ومن أبرز المشاكل التي يسببها التدخين للمرضى المصابين بداء كرونز:
- تطور الأعراض بشكل أكثر حدة مقارنة بغير المدخنين، مثل انسداد الأمعاء.
- زيادة احتمالية الحاجة للعمليات الجراحية.
- ارتفاع خطر تفشي المرض.
- انخفاض استجابة المرضى للأدوية المثبطة للمناعة.
- زيادة خطر تكوين الناسور، مما قد يتطلب جراحة للتدخل.
- زيادة خطر حدوث مشكلات صحية خارج الأمعاء مثل التهابات العين والتهاب المفاصل ومشاكل الجلد.
- التهاب القولون التقرحي: وهو التهاب يُهاجم عادة بطانة القولون، مما يؤدي إلى التهابها وتكوّن قروح صغيرة. الدراسات تشير إلى أن التهاب القولون التقرحي أقل شيوعًا بين المدخنين، إلا أن التدخين لا يخلو من المخاطر الصحية. وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يُسهم التدخين في زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة والسكتات الدماغية وأمراض القلب.
التدخين وسلائل القولون وسرطاناته
تحتوي السجائر على مجموعة من المواد المسرطنة، وأبرزها مادة البنزوبيرين، التي قد تُسبب تلفًا في الحمض النووي وتقلل من قدرة الجسم على إصلاح هذا الضرر بمرور الزمن. يظهر المدخنون معرضين بشكل أكبر للإصابة بسرطان القولون، حيث أظهرت بعض الدراسات أن خطر الإصابة عندهم يمكن أن يُقارن بخطر الإصابة لدى الأفراد الذين توجد لديهم سوابق عائلية للمرض. وفقًا لدراسة شاملة نشرت في مجلة المعهد القومي للأورام في 2010، كان المدخنون أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18% أكثر من غير المدخنين. من الأمور الجيدة أن التدخين يعد عامل خطر يمكن التحكم فيه، مما يمنح فرصًا لتقليل تلك المخاطر. بشكل عام، يميل المدخنون إلى تكوين سلائل القولون التي تُعرف بسلائل القولون، وهذه قد تتطور إلى أورام سرطانية.
الآثار الإيجابية للإقلاع عن التدخين على القولون
يُعتبر الإقلاع عن التدخين خطوة مهمة تعود بفوائد صحية عديدة على الجسم. كما تم ذكره، فإن المدخنين يتعرضون لمجموعة من المخاطر الصحية، وعند ترك التدخين، ستطرأ تغييرات إيجابية على الجسم، بما في ذلك فيما يتعلق بالجهاز الهضمي. يمكن تلخيص الفوائد كما يلي:
- استعادة التوازن بين المواد الحامية في المعدة وبطانة الاثني عشر والمواد الضارة.
- تقليل خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالتدخين مثل السلائل القولونية، رغم وجود خطر مُتزايد للنمو مقارنة بالغير مدخنين.
- تحسن كبير في الأعراض لدى المرضى المصابين بداء كرونز أو أمراض الأمعاء الالتهابية الأخرى.
- زيادة فرص العيش لفترة أطول.
للتعرف على المزيد حول طرق الإقلاع عن التدخين، يمكن قراءة المقال التالي: (طرق الإقلاع عن التدخين).