أطول سورة في القرآن الكريم
يتميز القرآن الكريم بتنوع سورها من حيث الطول، وتعتبر سورة البقرة الأطول من بين جميع السور. يتوافق هذا مع بداية القرآن بأطول السور، إذ تبدأ بسورة البقرة باعتبارها الأطول. وتعد آية الدين في سورة البقرة هي الأطول في القرآن، حيث يُجمع العلماء على أن جميع آيات هذه السورة مدنية. نزل معظم آياتها خلال فترة الهجرة الأولى، وبلغ عددها مئتين وست وثمانين آية. وقد أشار بعض العلماء، مثل ابن عباس رضي الله عنه، إلى أن آخر آية نزلت من القرآن كانت في سورة البقرة، وهي قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ). كما يُلاحظ من تنظيم سور القرآن أنها بدأت بأطول سورة بعد الفاتحة، حيث يليها باقي السبع الطوال مع تقديم المدني منها على المكي.
وعلى الرغم من أن ترتيب سور القرآن الكريم لا يعتمد فقط على طولها، إلا أن هناك استثناءات ملحوظة. فقد تكون سورة الأنعام أطول من سورة المائدة، لكنها تأتي بعدها في الترتيب، بينما سورة الأعراف، التي هي أيضاً أطول من الأنعام، جاءت بعدها. ومع ذلك، يبقى الطول عاملاً مؤثراً في تنظيم سور القرآن بالرغم من وجود استثناءات. وتُعرف سورة البقرة بهذا الاسم بناءً على قصة بقرة بني إسرائيل، حيث تبرز موقفهم من نبيهم واستهزائهم به، وعدم امتثالهم لأوامره عليه السلام، وما أكدوه من سوء الأدب مع الله تعالى. تعد هذه القصة عبرة للمسلمين ودلالة على السلوكيات الخاطئة التي مارسها أصحابها. وتُعتبر سورة البقرة عُصبة القرآن لما تحتويه من قصص وعبر، حيث تتضمن خمسة عشر مثلًا وخمسمئة حكم، إذ تحتوي آية الدين وحدها على أربعة عشر حكماً، وهي تُعتبر أطول آية في القرآن.
فضل سورة البقرة
تشير الأحاديث النبوية الشريفة إلى العديد من فضائل سورة البقرة، وفيما يلي أبرزها:
- تحصين المنزل وأهله من تأثير الشيطان، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة). لذا، يمكن قراءة سورة البقرة على مدار الأسبوع كوسيلة للحماية من غواية الشيطان، وتكرارها أسبوعيًا أو حسب القدرة.
- شفاعتها لصاحبها يوم القيامة، كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرق من طير صواف تُحاجّان عن أصحابهما).
- احتواء سورة البقرة على أعظم آية في القرآن، وهي آية الكرسي. حيث ذكر أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذات مرة: (يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)، فقال: الله ورسوله أعلم. ثم سأل مرة أخرى، فقلت آية الكرسي: {اللَّهُ لا إله إلا هو الحي القيوم} [البقرة:255]، فضرب في صدري وقال: واللّه، ليهنك العلم أبا المنذر).
- كفاية من يقرأ آخر سورة البقرة في ليلته، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)، بمعنى أنهما تكفيانه عن الأذى في تلك الليلة أو تحصلا له أجر قيام تلك الليلة.
- قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة مفروضة تُعد سببًا لدخول الجنة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت).
- تحصيل البركة في حياة قارئ سورة البقرة، ففي قراءتها خير عظيم ينعكس في حياة المسلم، والإعراض عنها يُعد ندامة وخسارة. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن سورة البقرة تحمي المسلم من السحرة وتحميه من الأذى، حيث قال: (اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة).
أهمية القرآن الكريم
اختتم الله سبحانه وتعالى الكتب السماوية بالقرآن الكريم، الذي جعله خالدًا بإعجازه ليكون حجة على العالمين، ومصدر هداية ورحمة لجميع الناس. فقد أوضح الله تعالى ذلك في قوله: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً). يحتوي القرآن الكريم على كل ما يحتاجه العبد في مسيرته من الحياة الدنيا إلى الآخرة، إذ يُعتبر شريعةً كاملةً ومنهجاً متكاملاً. وقد جعله الله سبحانه وتعالى حجةً وتأييدًا لنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم. وقد عجز المتخصصون في اللغة والبلاغة عن محاكاة هذا الكتاب، ولو بآية واحدة، قال تعالى: (قل إن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا)، وهذا يمثل أكبر دليل على أن هذا الكتاب هو كلام الله تعالى وليس من كلام البشر، إذ أن مصدره سماوي بلا جدال.