وصف ابن زيدون لجمال الزهراء

تحليل قصيدة ابن زيدون في وصف مدينة الزهراء

ابن زيدون هو شاعر أندلسي بارز، يُعرف باسم أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون. وُلد في قرطبة وعُرف بحماسه للعلم، وخاصة في مجالات اللغة والأدب، مما جعله يُحقق تقدماً ملحوظاً في هذه الفنون. اشتهر بأسلوبه الشعري المميز وتواصل مع العديد من الأدباء والشعراء في عصره، وكون صداقات قوية معهم. وقد تميز بعنايته الخاصة بالشعر حتى لقب ببحتري الأندلس. اختاره المعتضد صاحب إشبيلية ليكون وزيرًا له، واستمر في خدمته حتى وفاته في زمن المعتمد على الله ابن المعتضد.

تعود دوافع كتابة هذه القصيدة إلى وصف جمال مدينة الزهراء، وقد استلهم مشاعره من ذكريات محبوبته. تضمن النص وصفًا دقيقًا لجماليات المدينة، حيث تعكس الأبيات مشاعر الشاعر وحنينه، وتتكون هذه القصيدة من خمسة عشر بيتًا تمت كتابتها خلال القرن الخامس الهجري على البحر البسيط.

  • إنّي ذَكَرتُكِ بالزهراء مُشتاقًا

::: الأُفق طَلقٌ ومَرأى الأَرض قد راقا

يبدأ الشاعر بالتعبير عن أشواقه لمحبوبته التي انتعشت في أحضان مدينة الزهراء الساحرة، حيث تثير فيها الذكريات والأحاسيس الجميلة. إن السماء صافية وجه الأرض مشرق.

  • وللنسيم اعتلال في أصائله

::: كأنّه رقّ لي فاعتلّ إشفاقا

يشير الشاعر إلى مظاهر الطبيعة وجمالها، حيث يُجسد خصائص الطبيعة كشخصيات إنسانية تتفاعل مع مشاعره، فالنسيم يعتل بسبب حالة الشاعر، وهو تعبير عن الإشفاق.

  • والروض عن مائه الفضي مبتسم

::: كما شققتَ عن اللّبات أطواقا

يوضح الشاعر أن الروض يتلألأ وسط بساتينه الخضراء ومائه الفضي، ويشبه جماله بجمال عنق المحبوبة عندما تتفتح ثيابها.

  • يوم كأيام لذّات لنا انصرمت

::: بتنا لها حين نام الدهر سراقا

يسلط الضوء على جمال هذه الأماكن الذي يحرك في النفوس ذكريات الأيام الجميلة وما تحمله من لذائذ، حيث أصبحنا نتوق إلى استعادة تلك الأوقات.

  • نلهو بما يستميل العين من زهر

::: جال الندى فيه حتى مال أعناقا

يستند الشاعر إلى جمال الزهور الطبيعية، حيث يتسرب الندى إليها، مما يجعلها تضعف وثقلها يُجبر أغصانها على الانحناء.

  • كأنّ أعيُنَهُ إذ عاينت أرقّي

::: بكَت لما بي فجال الدمع رقراقا

كأنّ هذه الأزهار تعتبر عيونًا تسقط دموعها تأثُّرًا بحالة الشاعر ومعاناته.

  • وردٌ تألق في ضاحي منابته

::: فزاد منه الضحى في العين إشراقا

يواصل الشاعر وصف جمال الورود خلال ساعات النهار، حيث تزداد رونقًا مع أشعة الضحى.

  • سَرى يُنافِحُهُ نيلوفرٌ عَبِقٌ

::: وسنانُ نبّه منه الصبح أحداقا

يخصص الشاعر الحديث عن نبات النيلوفر، حيث يفتح مع إشراقة الصباح ويضفي عليه عبقًا كإنسان نعس.

  • كلٌّ يهيج لنا ذكرى تشوقنا

::: إليك لم يعد عنَها الصدرُ أن ضاقا

كل تلك الجماليات تُثير في نفس الشاعر الأشواق والذكريات لمحبوبته، مما يجعل صدره يشعر بالضيق.

  • لا سَكَّنَ اللّه قَلبًا عَقَّ ذكركُمُ

::: فلم يطر بجناح الشوق خفّاقا

في النهاية، يدعو الشاعر على قلبه بعدم الراحة إذا لم يشعر بالشوق ويتذكر محبوبته.

معاني المفردات في قصيدة ابن زيدون

فيما يلي تفسيرات للكلمات الصعبة التي وردت في قصيدة ابن زيدون:

المفردةمعنى المفردة
طلقمُنشرح.
راقاصار صافيًا.
اعتلالمرض.
أصائلجمع أصيل، وهو الوقت بين العصر والمغرب.
الإشفاقالرحمة والرأفة.
الروضالأرض الخضراء بالزهور.
مبتسممُتفتح.
اللباتجمع مفردها لبة، وهي موضع القلادة من الصدر.
أطواقجمع طوق، وهو ما يلف حول العنق من الحُليّ.
يستميليجذب النظر إليه.
جالامتلأ.
أرقيسهري.
الرقراقالمتلألئ.
تألقلمع.
نافحهأرسل له.
عبقمنتشر الرائحة.
نيلوفرنوع من نبات الريحان ينبت في المياه الراكدة.
أحداقمفردها حدقة، وهو سواد العين.
خفاقامتحركة.
سرىذهب في الليل.
أضناهأتعبه.

التصوير الفني في قصيدة ابن زيدون

تحتوي قصيدة ابن زيدون على صور بيانية فريدة تميزها عن غيرها، منها:

  • إنّي ذَكَرتُكِ بالزهراء مُشتاقًا

::: الأُفق طَلقٌ ومَرأى الأَرض قَد راقا

استعارة مكنية؛ حيث يشبّه الأفق بإنسان يحمل طابع الطلق، ويسلط الضوء على المشبه وهو الأفق مع حذف المشبه به وهو الإنسان.

  • وللنسيم اعتلال في أصائله

::: كأنّه رقّ لي فاعتلّ إشفاقا

استعارة مكنية، حيث يشبّه النسيم بإنسان مريض يعبر عن مشاعر الشاعر.

  • والروض عن مائه الفضي مبتسم

::: كما شققتَ عن اللّبات أطواقا

استعارة مكنية، حيث يُصوّر الروض بإنسان مبتسم.

  • يوم كأيام لذّات لنا انصرمت

::: بتنا لها حين نام الدهر سراقا

استعارة مكنية، حيث يشبّه الدهر بإنسان ينام.

  • نلهو بما يستميل العين من زهر

::: جال الندى فيه حتى مال أعناقا

استعارة مكنية؛ حيث تشبه الأزهار بإنسان له عنق قد مال.

  • كأنّ أعيُنَهُ إذ عاينت أرقّي

::: بكَت لما بي فجال الدمع رقراقا

تشبيه تمثيلي حيث يشبّه حالة تساقط الندى في الصباح بحالة إنسان يتأثر بمشاعر الآخرين.

  • سَرى يُنافِحُهُ نيلوفرٌ عَبِقٌ

::: وسنان نبّه منه الصبح أحداقا

استعارة مكنية؛ حيث يشبّه نبات النيلوفر بإنسان يتفاعل مع الآخرين.

  • لا سَكَّنَ اللّه قَلبًا عَقَّ ذكركُمُ

::: فلم يطر بجناح الشوق خفّاقا

استعارة مكنية، حيث يشبّه القلب بإنسان عاق.

الأفكار الرئيسية في قصيدة ابن زيدون

يمكن تلخيص الأفكار الرئيسية للقصيدة إلى عدة محاور وهي:

  1. يبدأ الشاعر بالتعبير عن الطبيعة ومشاركتها له في شوقه لمحبوبته.
  2. يتحدث عن جمال طبيعة مدينة الزهراء من أجل الورد والريحان.
  3. يصف معاناته النفسية ولهفاته محاورًا إياها بالجمال الطبيعي.
  4. ختام القصيدة بالتأكيد على العهد والالتزام به.

أبيات القصيدة لابن زيدون

هنا بعض الأبيات التي تبرز وصف مدينة الزهراء، ممزوجة بمشاعر الحب والحنين:

إنّي ذَكَرتُكِ بالزهراء مُشتاقًا

::: الأُفقُ طَلقٌ وَمَرَأى الأَرضِ قَد راقا

وللنسيم اعتلال في أصائله

::: كأنّه رقّ لي فاعتلّ إشفاقا

والروض عن مائه الفضي مبتسم

::: كما شققتَ عن اللّباتِ أطواقا

يوم كأيام لذّات لنا انصرمت

::: بتنا لها حين نام الدهر سراقا

نلهو بما يستميل العين من زهر

::: جال الندى فيه حتى مال أعناقا

كأنّ أعيُنَهُ إذ عاينت أرقّي

::: بكَت لما بي فجال الدمع رقراقا

وردٌ تألق في ضاحي منابته

::: فازداد منه الضحى في العين إشراقا

سَرى يُنافِحُهُ نيلوفرٌ عَبِقٌ

::: وسنان نبّه منه الصبح أحداقا

كلٌّ يهيج لنا ذكرى تشوقنا

::: إليك لم يعد عنَها الصدرُ أن ضاقا

لا سَكَّنَ اللّه قَلبًا عَقَّ ذِكرَكُمُ

::: فلم يطر بجناح الشوق خفّاقا

لَو شاءَ حَملي نَسيمُ الصُبحِ حينَ سَرى

::: واشْتَٓأنَا بِفَتىً أَضناهُ ما لاقى

لَو كانَ وَفّى المُنى في جَمعِنا بِكُم

::: لَكانَ مِن أَكرَمِ الأَيّامِ أَخلاقا

يا عَلقِيَ الأَخطَرَ الأَسنى الحَبيبَ إِلى

::: نَفسي إِذا ما اِقتَنى الأَحبابُ أَعلاقا

كانَ التَجارِي بِمَحضِ الوُدِّ مُذ زَمَنٍ

::: مَيدانَ أُنسٍ جَرَينا فيهِ إطلاقا

فَالآنَ أَحمَدَ ما كُنّا لِعَهدِكُمُ

::: سَلَوتُمُ وَبَقينا نَحنُ عُشّاقا

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *