من الذي قال (اجعلني على خزائن الأرض)؟
طلب يوسف -عليه السلام- من الملك أن يجعله مسؤولاً عن خزائن الأرض، كما ورد في قوله تعالى: (قالَ اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ).
يُروى أن يوسف سعى لتحقيق هذا المنصب كوسيلة للوصول إلى والده وإخوته، بينما تشير آراء أخرى إلى أنه كان يعلم بقدراته على إدارة الأمور خلال السنوات العجاف التي كادت تحل بالناس.
معنى عبارة (اجعلني على خزائن الأرض)
ما طلبه يوسف -عليه السلام- من الملك كان تعيينه والياً على أموال الدولة، وهو ما يعبر عنه بقوله اجعلني على خزائن الأرض، حيث كان يقصد الأراضي في مصر. تكون هذه المهمة مرتبطة بحفظ الأموال ومنع ضياعها.
كما كان من الضروري الحفاظ على هذه الأموال من أي اعتداء أو سوء استخدام، وبقي يوسف مؤهلاً لتصريف تلك الأموال بطريقة حكيمة، مع اتخاذ قرارات تضمن الانفاق الحكيم والعادل، دون تقتير أو إسراف.
تستخدم كلمة “الخزائن” في المفرد “خزينة”، وتشير إلى المكان الذي يتم فيه تخزين ما يحتاج الناس لحفظه من طعام وشراب. وقد برر يوسف -عليه السلام- طلبه بأنه حفيظ على هذه الأموال.
معنى كونه حفيظاً على الأموال يعني أنه يوزعها بالشكل الصحيح، ويراعي مصلحتها، مما يسمح له بتحقيق العدل ويساعده في نشر تعاليم الدين في أرض مصر.
الدروس المستفادة من الآية
تقدم قصة سيدنا يوسف العديد من الدروس القيمة، منها:
- أهمية العلم بكلا نوعيه الديني والدنيوي
لقد خاطب يوسف -عليه السلام- الملك بأسلوب رفيع يعكس آداب الحديث، مما ساعده في الوصول إلى مطلبه. وصف نفسه بالحفظ والعلم، مما يعزز قدرته على التفريق بين الصواب والخطأ.
ويمكنه العلم من أداء الأمانة بعدالة وحكمة، ويجنب نفسه الوقوع في الشبهات، ساعياً لتحقيق ما أمر الله به، ولذلك قال: (اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ).
- البحث عن الآخرة في كافة شؤون الحياة
سعى يوسف لتولي هذا المنصب مستندًا إلى ما عرفه عن ذاته من قدرة على تحقيق مصالح الأمة، حيث كانت تلك المناصب تُعطى سابقًا لأهل الكفاءة والفضل.
لم تكن أهداف يوسف مرتبطة بجمع المال أو المكاسب الدنيوية، بل أراد القيام بدوره كمحافظ على الأموال، مستخدمًا أساليب رحيمة لتحقيق المصلحة العامة.
- جواز طلب الإمارة
تشير الآيات الكريمة إلى جواز طلب الإمارة من الشخص الذي يرى في نفسه القدرة على تحمل المسؤولية. وقد طلب يوسف -عليه السلام- ذلك لأنه أدرك أن المهمة لن تدار بشكل جيد إذا أسندت إلى غيره.
- ضرورة استخدام القوة لنصرة الحق
من خلال تولي المناصب، يمكن للشخص أن يسعى لرفع راية الحق ومواجهة الباطل. كما يجوز له أن يبرز مؤهلاته بشكل يساهم في قبول طلبه. وإذا تعارض ذلك مع ما ورد عن رسول الله بخصوص تحذير طلب الإمارة، فإن يوسف طلب الإمارة ابتغاءً لرضا الله ونشر حكم الله على الأرض، مما يجعله بعيداً عن أي نهي ديني.