التفكير الوسواسي والمخاوف
يُعرَف اضطراب الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder) بأنه حالة تتميز بوجود أفكار ومخاوف غير منطقية، تُسمى الهواجس، التي تحفز الشخص على اتباع سلوكيات قهرية متكررة. تؤثر هذه الهواجس والسلوكيات في الحياة اليومية، مما يؤدي إلى شعور الشخص بالضيق والانزعاج. على الرغم من محاولات الأفراد لتجاهل أو إيقاف هذه الأفكار، إلا أن هذا غالباً ما يزيد من مستوى القلق والتوتر، مما يدفعهم للقيام بأفعال قهرية كوسيلة لتخفيف هذا التوتر. تميل أعراض هذا الاضطراب إلى التركيز على موضوعات معينة، مثل: الخوف من التلوث بالجراثيم، وهو ما يؤدي بالمصاب إلى غسل يديه بشكل مفرط حتى تتشقق. تجدر الإشارة إلى أن علامات الوسواس القهري غالبًا ما تظهر في الطفولة أو مرحلة البلوغ المبكرة، حيث تبدأ بشكل تدريجي قبل أن تصبح أكثر حدة مع مرور الوقت. بالنسبة للكثير من الأشخاص، تظهر أعراض المرض وتختفي، ولكنها غالبًا ما تكون مشكلة مزمنة تؤثر على نوعية الحياة، وفي الحالات الحادة يمكن أن تحدث تعطيلًا كبيرًا في الأنشطة اليومية.
أساليب التغلب على الوسواس والمخاوف
على الرغم من عدم وجود علاج نهائي للوسواس القهري، فإن العديد من المصابين يمكنهم تقليل تأثير الأعراض على حياتهم اليومية من خلال العلاجات المناسبة. عادةً ما يُوصى بدورة علاج قصيرة الأمد للوسواس القهري المعتدل، في حين أن الحالات الأكثر شدة قد تتطلب علاجات نفسية لفترات أطول، بمشاركة أو بدون أدوية. فيما يلي نستعرض أبرز طرق التغلب على الوسواس القهري والمخاوف:
- العلاج السلوكي المعرفي: يشير العلاج السلوكي المعرفي إلى مجموعة من التقنيات النفسية المعتمدة لعلاج الاضطرابات النفسية. ومن بين هذه التقنيات، تبرز تقنية التعرض ومنع الاستجابة، التي تركز على تعريض الشخص للهواجس والأفكار القلقة، مما يساهم في تخفيض مستوى القلق لديه. ينطوي العلاج على التركيز على قرار الفرد بعدم الانخراط في السلوكيات القهرية، مما يساعد بشكل تدريجي على تقليص القلق.
- العلاج الدوائي: غالباً ما يتم استخدام أدوية مضادة للاكتئاب لتعديل توازن المواد الكيميائية في الدماغ، مما قد يُسهم في تخفيف الأعراض المتعلقة بالوسواس القهري.
المخاوف المرتبطة بالوسواس القهري
من المهم أن نلاحظ أن بعض حالات الوسواس القهري قد تُفهم بشكل خاطئ، مما يؤثر على التشخيص والعلاج. تشمل بعض المخاوف الشديدة التي قد يعاني منها الأفراد المصابون بالوسواس القهري ما يلي:
- الخوف من إيذاء النفس: يُعتبر من المهم التفريق بين التفكير الفعلي في إيذاء النفس وأفكار السلبية غير المرغوب فيها. يجب أن ندرك أن العديد من الأشخاص قد يشعرون بالخوف الشديد من فقدان السيطرة على أفكارهم.
- الخوف من إلحاق الأذى بالآخرين: يشعر الكثيرون بقلق من إمكانية آذى المقربين، ويجدر بهم التمييز بين الأفكار غير المرغوب فيها والأفكار المقلقة الحقيقية. قد يتمثل ذلك في تجنب الأدوات الحادة أو الأنشطة التي تشمل العنف.
- الخوف من الأذى غير المتعمد للآخرين: يحتاج الأفراد المصابون بالوسواس القهري إلى تقدير الفجوة بين الهواجس وهذه الأفكار القهرية، حيث يسعون غالباً للحصول على تأكيدات أو تحقق من تصرفاتهم كوسيلة للتكيف مع القلق المتراكم.