أروع قصائد الشاعر نزار قباني

نزار قباني

يعتبر نزار قباني شاعراً سورياً معاصراً، اشتهر بمؤلفاته الشعرية التي تناولت مواضيع مثل الحب، المرأة، والحرب. يُعتبر ديوانه الشعري من أكثر الأعمال تداولاً، حيث تضفي قصائده تأثيراً خاصاً على نفس القارئ وتعكس بشكل صادق مشاعرهم. يمتلك نزار قباني عددًا من القصائد الرائعة، وفي هذه المقالة سنستعرض بعضاً من أعماله المميزة.

قصيدة اغضب

يُعبّر نزار قباني في قصيدته عن مشاعر المكافحة والغضب، قائلاً:

اغضب كما تشاءُ،

واجرح أحاسيسي كما تشاءُ،

احطم أواني الزهر والمرايا،

وهدد بحب امرأةٍ سوايا،

فكل ما تفعلهُ سواء،

وكل ما تقولهُ سواء،

فأنتَ كالأطفال يا حبيبي،

نحبهم مهما أساؤوا،

اغضب!

فأنت رائع حقًا متى تثور،

اغضب!

فلولا الموج ما تكوّنت بحور،

كن عاصفاً، كن ممطراً،

فإن قلبي دائماً غفور،

اغضب!

فلن أجيب بالتحدي،

فأنت طفل عابث،

يملؤه الغرور،

وكيف تشتكي الطيور من صغارها؟

اذهب،

إذا مللتَ مني يوماً،

واتهم الأقدار أو اتهمني،

أما أنا فسأكتفي بدمعي وحزني،

فالصمت كبرياء،

والحزن كبرياء،

اذهب،

إذا أعياك البقاء،

فالأرض تحتوي العطر والنساء،

والعيون الخضراء والسوداء،

وعندما تريد أن تراني،

وعندما تحتاج كطفل لحناني،

فعُد إلى قلبي متى تشاء،

فأنت في حياتي الهواء،

وأنت، عندي الأرض والسماء،

اغضب كما تشاء،

واذهب كما تشاء،

واذهب متى تشاء،

لا بد أن تعود ذات يوم،

وقد عرفت ما هو الوفاء.

قصيدة حب بلا حدود

في هذه القصيدة يتحدث نزار قباني إلى حبيبته بكل حب وحنان، قائلاً:

يا سيدتي،

كنتِ أهم امرأة في تاريخي قبل أن يغادر العام،

وأنت الآن،

أهم امرأة بعد ولادة هذا العام،

أنتِ لا تُحسبين بالساعات والأيام،

بل أنتِ صُنعت من فاكهة الشعر،

ومن ذهب الأحلام،

وأنتِ امرأةٌ كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوام،

يا سيدتي،

يا مغزولة من قطن وغمام،

يا أمطاراً من ياقوت،

يا أنهاراً من نهوند،

يا غابات رخام،

يا من تسبح كالأسمَاك في ماء القلب،

وتسكن في العينين كأسراب الحمام،

لن يتغير شيء في عاطفتي،

في إحساسي، في وجداني، في إيماني،

فأنا سأظل على دين الإسلام،

يا سيدتي،

لا تهتمي بإيقاع الوقت وأسماء السنوات،

أنتِ امرأة تبقى امرأة في كل الأوقات،

سأحبك عند دخول القرن الواحد والعشرين،

وعند دخول القرن الخامس والعشرين،

وعند دخول القرن التاسع والعشرين،

وسأحبك حين تجف مياه البحر

وتحترق الغابات.

يا سيدتي،

أنتِ خلاصة كل الشعر،

ووردة كل الحريات،

يكفي أن أتهجى اسمك،

حتى أصبح ملك الشعر،

وفرعون الكلمات،

يكفي أن تعشقني امرأة مثلك،

حتى أدخل في كتب التاريخ،

وتُرفع من أجلي الرايات.

لا تتضعضعي مثل الطائر في زمن الأعياد،

لن يتغير شيء منّي،

نهر الحب سيظل جارياً،

ونبض القلب لن يتوقف،

والشعر لن يتوقف عن الطيران.

حين يكون الحب كبيراً،

والمحبوبة قمراً،

لن يتحول هذا الحب بمجرد شظايا تعصف بها النيران،

يا سيدتي،

ليس هناك شيء يملأ عيني،

لا الأضواء،

ولا الزينات،

ولا أجراس العيد،

ولا شجر الميلاد.

الشارع لا يعني لي شيئاً،

ولا تعني لي الحانة شيئاً،

لا يفيدني أي كلام يُكتب على بطاقات الأعياد.

يا سيدتي،

لا أتذكر إلا صوتك حين تدق نواقيس الآحاد،

لا أتذكر إلا عطرَكِ حين أنام على ورق الأعشاب،

ولا أتذكر إلا وجهك،

حين يهرهر فوق ثيابي الثلج،

وأسمع طقطقة الأحطاب.

ما يُفرحني يا سيدتي،

أن أتكوّم كالعصفور الخائف بين بساتين الأهداب.

ما يبهجني يا سيدتي،

أن تهديني قلماً من أقلام الحبر،

أعانقه وأنام سعيداً كالأطفال.

يا سيدتي،

ما أسعدني في منفاي،

أقطر ماء الشعر،

وأشرب من خمر الرهبان،

وأشعر بالقوة،

حين أكون صديقاً للحرية والإنسان.

يا سيدتي،

كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير،

وفي عصر التصوير،

وفي عصر الرواد،

كم أتمنى لو قابلتك يوماً في فلورنسا،

أو قرطبة،

أو في الكوفة،

أو في حلب،

أو في بيت من حارات الشام.

يا سيدتي،

كم أتمنى لو سافرنا نحو بلاد يحكمها الغيتار،

حيث الحب بلا أسوار،

والكلمات بلا أسوار،

والأحلام بلا أسوار.

يا سيدتي،

لا تنشغلي بالمستقبل،

سوف يظل حنيني أقوى مما كان،

وأعنف مما كان،

أنتِ امرأة لا تتكرر في تاريخ الورد،

وفي تاريخ الشعر،

وفي ذاكرة الزنبق والريحان.

يا سيدة العالم،

لا يشغلني إلا حبك في الأيام القادمة،

أنتِ امرأتي الأولى،

أمي الأولى،

رحمي الأول،

شغفي الأول،

شغفي الأول،

طوق نجاتي في زمن الطوفان.

يا سيدتي،

يا سيدة الشعر الأولى،

هاتي يدك اليمنى كي أختبئ فيها،

هاتي يدك اليسرى كي أستوطن فيها،

قولي أي عبارة حب حتى تبتدئ الأعياد.

قصيدة أحزان في الأندلس

في قصيدة “أحزان في الأندلس”، يستخدم نزار قباني رموزاً تاريخية معبرة، قائلاً:

كتبتِ لي يا غالية،

كتبتِ تسألين عن إسبانية،

عن طارق الذي فتح باسم الله عالماً جديداً،

عن عقبة بن نافع،

يزرع شتل نخلة في قلب كل ربوة.

سألتِ عن أمية،

سألتِ عن أميرها معاوية،

عن السرايا الزاهية التي تحمل من دمشق حضارة وعافية.

لم يبق في إسبانية منّا، ومن عصورنا الثمانية،

غير ما يبقى من الخمر في جوف الآنية،

وأعينٍ كبيرة كانت تنام في سوادها ليلة البادية.

لم يبق من قرطبة سوى دموع المآذن الباكية،

سوى عبير الورود، والنارنج والأضاليه.

لم يبق من ولادةٍ ومن حكايا حبها قافية،

ولا بقايا قافية.

لم يبق من غرناطة ومن بني الأحمر غير ما يقول الراوية،

وغير “لا غالب إلا الله” التي تستقبل في كل زاوية.

لم يبق إلا قصرهم كامرأة من الرخام عارية،

تعيش على قصة حبٍ ماضية،

مضت قرون خمسة مذ رحل الخليفة الصغير عن إسبانية،

ولم تزل أحقادنا الصغيرة كما هي،

ولم تزل عقلية العشيرة في دمنا كما هي.

حوارنا اليومي بالخناجر،

وأفكارنا أشبه بالأظافر.

مضت قرون خمسة ولا تزال لفظة العروبة،

كزهرة حزينة في آنية،

كطفلة جائعة وعارية،

نصلبها على جدار الحقد والكراهية.

مضت قرون خمسة، يا غالية،

كأننا نخرج هذا اليوم من إسبانية.

لا تسألوني

تعتبر قصيدة “لا تسألوني” من أجمل القصائد التي كتبها نزار قباني، حيث تتحدث عن الحب بطريقة مؤثرة:

لا تسألوني ما اسمه حبيبي،

أخشى عليكم ضوعة الطيوب،

زق العبير إن حطمتموه،

غرقتم بعاطر سكيب،

والله لو بحُتُ بأي حرف،

تكدس اليلك في الدروب.

لا تبحثوا عنه هنا بصدري،

تركتُه يجري مع الغروب،

ترونه في ضحكة السواقي،

في رفّة الفراشة اللعوب،

في البحر، في تنفس المراعي،

وفي غناء كل عندليب.

في أدمع الشتاء حين يبكي،

وفي عطاء الديمة السكوب.

لا تسألوا عن ثغره، فهل رأيتم أناقة المغيب.

ومقلتاه شاطئاً نقاء،

وخصره تهزهز القضيب.

محاسن لا ضمّها كتاب،

ولا ادّعتها ريشة الأديب.

وصدره ونحره، كفاكم،

فلن أبوح باسمه حبيبي.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *