تطور مجال الاقتصاد عبر الزمن

يُعتبر تطور علم الاقتصاد نتيجة لمرحلتين رئيسيتين عبر الزمن، مما يُعبر عن نضج الفكر البشري واهتمام الإنسان بالتحليل الاقتصادي بالإضافة إلى دراسة كيفية إدارة الموارد المتاحة وتحديد استهلاك الأفراد.

في هذه المقالة، سنستعرض مراحل تطور علم الاقتصاد وأهميتها.

تطور علم الاقتصاد

مر علم الاقتصاد بعدة مراحل عبر العصور المختلفة.

وهدفت هذه المراحل إلى تعميم وجهات نظر المفكرين والفلاسفة بناءً على مجموعة من الثوابت لتحقيق التوازن الاقتصادي في مجتمعاتهم.

ظهر علم الاقتصاد أيضًا في مؤلفات عدد من الفلاسفة مثل أرسطو، الذي انتقد نظريات إلغاء الملكية الخاصة، مُشيرًا إلى أن الملكية الجماعية تُسهم في النزاع حول توزيع الموارد والإنتاج بين الأفراد والدولة.

تتضمن مراحل تطور الاقتصاد أربعة محاور أساسية ساهمت في تعزيز الفكر الاقتصادي منذ أن أسسه الإغريق القدماء.

مراحل تطور علم الاقتصاد

كما أشرنا، تتميز كل مرحلة من مراحل تطور علم الاقتصاد بوجود مجموعة من المفكرين الذين سعوا لتحقيق توازن من خلال استغلال الموارد المتاحة في فترتهم.

وقد تبادلت هذه الأفكار بين المفكرين على مر العصور، حتى تم الوصول إلى التطور الاقتصادي الحالي.

المراحل الأربعة الأساسية هي:

مدرسة التجار

تشير إلى الفترة التي ركزت فيها الفكر الاقتصادي على التجارة كمبدأ رئيسي يُعتمد عليه.

وكانت المدرسة تُولي اهتمامًا كبيرًا بالتجارة على حساب مجالات أخرى مثل الزراعة، حيث لم تكن تضع ضمن أولوياتها تحقيق الرفاهية للأفراد، بل كانت تعمل فقط على إشباع احتياجاتهم الأساسية.

اعتبرت أن قوة المجتمعات تعتمد على ما تمتلكه من موارد طبيعية ومعادن ومواد احتياطية تدعمها خلال فترات الركود الاقتصادي.

مدرسة الطبيعيين

كما يوحي اسمها، فإن هذه المدرسة تركزت على الاهتمام بالموارد الطبيعية ودعم الزراعة على الصناعة والتجارة، ويعود أصلها إلى منتصف القرن الثامن عشر.

يعتقد مفكرو مدرسة الطبيعيين أن التطور الاقتصادي نابع من الطبيعة، حيث توافر الموارد الطبيعية هو العامل الرئيسي الذي يحدد اقتصاد المجتمع.

كانوا يعتبرون أن الزراعة هي العامل الأساسي لتحقيق التوازن الاقتصادي بينما مجال الصناعة والتجارة أقل قيمة، حيث ينشدون دائمًا للحرية الاقتصادية وعدم تدخل الحكومات، معتبرين أن الملكية الخاصة تُسهم في تعزيز الرخاء للفرد والدولة.

المدرسة الكلاسيكية أو التقليدية

تجديدًا لأفكار مدرسة الطبيعيين، اعتنقت المدرسة الكلاسيكية أيضًا مبادئ الحرية الاقتصادية والتركيز على المنفعة الشخصية، ومن أبرز مفكريها آدم سميث وديفيد ريكاردو.

تمحورت أفكار هذه المدرسة حول السعي لتحقيق المنفعة الشخصية كأولوية، مع العمل على تحقيق المنفعة الاجتماعية. كما اعتبروا أن قوة المجتمعات تقاس ليس بكمية الموارد والمعادن، بل بقدرتها الإنتاجية.

المدرسة الحديثة

هذه المدرسة تجمع بين الأفكار التقليدية وأساليب تطبيقها لتحقيق توازن اقتصادي ورفاهية للأفراد والمجتمع.

تنبهت إلى ضرورة إيجاد حلول لمشاكل مثل البطالة والفقر، ومن أبرز مفكريها كان كينز.

تُعرف هذه المرحلة بمصطلحات اقتصادية جديدة مثل الركود والتضخم، مما يدل على التفكير المستمر في كيفية مواجهتها.

تلك هي المراحل الأربعة الأساسية التي ساهمت في تطور علم الاقتصاد، ولكن بعد ذلك ظهرت المدرسة الاشتراكية.

المدرسة الاشتراكية

أسس هذه المدرسة كارل ماركس وفريدريك إنجلز، وتُرجم أفكارهم في العديد من البلدان ومنها روسيا.

حملت أهم أفكارها دعوة لتدخل الدولة في الإنتاج والموارد وتوزيعها وفق خطط تستند إلى دراسة احتياجات السوق.

الفكر الاقتصادي الماركسي

أثر تطور علم الاقتصاد في العديد من المجتمعات والسياسات العالمية، وكان له تأثير مباشر على الأفكار والمذاهب المختلفة.

يُعتبر الفكر الاقتصادي الماركسي، الذي قام بتطويره الفيلسوف ماركس، من أهم التطورات التي أدت إلى ظهور الشيوعية والثورة العمالية.

نادت أفكار ماركس بتحرر الاقتصاد من هيمنة الطبقة المالكة على الموارد، ودعت لإلغاء الملكية الفردية لتلك الموارد والعناصر الإنتاجية.

كان يهدف ماركس لإنشاء دولة بروليتارية تستند على توزيع الموارد بشكل عادل وخلق المساواة بين الأفراد.

لكن الفكر الماركسي لم يستمر طويلًا، إذ واجه تدهورًا في أوائل القرن العشرين وأصبح شبه منسي بفعل التحولات السياسية الكبرى التي أدت إلى سقوط الاتحاد السوفيتي.

الفكر الاقتصادي الكينزي

برز الفكر الاقتصادي الكينزي على يد عالم الاقتصاد جون كينز، حيث بُنيت أفكاره على دراسة عميقة للقطاعين العام والخاص.

نادَى كينز بضرورة تدخل الدولة في بعض القطاعات لتحقيق التوازن الاقتصادي، وقد تشابهت أفكاره بشكل كبير مع أفكار المدرسة الكلاسيكية، مؤكدًا على أن السلوك الاقتصادي للفرد يؤثر على الاقتصاد ككل.

يرتبط زيادة الطلب على سلع معينة بوقوع ركود اقتصادي، مما يستدعي تدخل الحكومات لحل تلك القضايا، بما في ذلك التوترات المتعلقة بالفقر والبطالة.

الفكر الاقتصادي لميلتون فريدمان

ساهم المفكر الحائز على جائزة نوبل ميلتون فريدمان في تعزيز علم الاقتصاد بأسلوب يتباين بوضوح مع الفكر الكينزي.

كان يعتمد على نظريات النمذجة الرياضية لاختبار فرضيات اقتصادية مختلفة، وهو ما اعتمدت عليه العديد من الدول في السياسات الاقتصادية حتى يومنا هذا، وخاصة الولايات المتحدة.

كانت فلسفة فريدمان تدعو إلى تقليل الاستهلاك من الموارد بدلاً من زيادته، في حين كان التركيز سابقًا على زيادة الناتج المحلي لتلبية الاحتياجات.

ومن بين أبرز أفكاره أهمية إزالة الحكومة للتشريعات التي تعيق الأسواق مثل قوانين مكافحة الاحتكار.

أهمية دراسة تطور الفكر الاقتصادي

تعددت تيارات الاقتصاديين والمفكرين، مما أدى إلى تقسيم الآراء حول الحاجة لدراسة التاريخ الاقتصادي.

ويرى البعض أن دراسة تاريخ الاقتصاد ليست ذات أهمية بسبب عيوبه الناجمة عن عدم الاستقرار والصراعات.

بينما يرى الآخرون أن فهم هذا التاريخ يعد ضروريًا لفهم كيفية تعامل الشعوب مع القضايا الاقتصادية مثل البطالة والفقر والركود.

تكمن أهمية دراسة التطورات التاريخية في ربط الأفكار الاقتصادية الحديثة بتلك القديمة وتحليل تأثيرها على إعادة بناء النظم السياسية والاقتصادية، مما يساعد في معالجة القضايا المعاصرة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *