الاستمرار في الالتزام بالطاعة

الثبات والاستقامة في طاعة الله تعالى

تُعتبر الوصية بتقوى الله هي الأعمّ والأشمل من بين جميع الوصايا. فهي ركيزة السعادة، حيث وصى الله -تعالى- بها الأولين والآخِرين من عباده، كما جاء في قوله: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّـهَ). هذه الوصية تتكرر في توجيهات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأمته، كما كانت جزءًا من وصايا السلف. من أهم ما يجب أن يسعى إليه العبد هو استقامته وثباته على طاعة الله، والابتعاد عن الانحراف عن الطريق المستقيم. قال -عز وجل-: (فَاستَقِم كَما أُمِرتَ). وقد قال رسول الله لمن سأله عن أمر لا يسأل عنه أحد: (قل آمنت بالله ثم استقم). فالأستقامة هي أساس السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة، ومرادها الالتزام أوامر الله من فعل الطاعات وترك المعاصي، وهذا يستدعي جهدًا وعزمًا كبيرين في النفس وطلب المساعدة من الله -تعالى-.

تتطلب الاستقامة عنصرين أساسيين، هما: استقامة القلب واللسان. فالاستقامة لا تتحقق دون أن يكون القلب مستقيمًا، وهذا مرهون بأحاديث اللسان. يتمثل استقامة القلب في ملئه بالإيمان بالله، والتوكل عليه، وحسن الظن به، والمحبة له ولما يأمر به. وعندما يستقيم القلب، فإن الجوارح ستتبع ذلك بشكل طبيعي. قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَتْ، فسدَ الجَسدُ كُلُّهُ، ألا وهِيَ القَلبُ). أما بالنسبة لاستقامة اللسان، فيجب حمايته من كل ما لا يُرضي الله، والانشغال بما ينفع ويُفيد، والحديث بما هو سديد. إذا استقام اللسان، سيكون ذلك علامة على استقامة الجوارح. لذا يجب أن يسعى المسلم لاستقامة قلبه أولاً ثم لسانه، وعند حدوث ذلك، سيكون كل شيء على ما يرام، وستتحقق له السعادة في الدنيا والآخرة.

فضائل الاستمرارية في الطاعات وثمارها

الدوام على الأعمال الصالحة والطاعات يحمل في طياته فوائد جليلة ومزايا متعددة، وفيما يلي نستعرضها بشكل مفصل:

  • زيادة الإيمان: كل عمل صالح يقوم به المسلم يعزّز إيمانه، حيث أن الإيمان يزداد بالطاعات وينقص بالمعاصي. والله -تعالى- يكافئ عباده على أعمالهم الصالحة، سواء كانت قليلة أو كثيرة، صغيرة أو كبيرة، كما أن كل طاعة تؤدي إلى طاعة أخرى، وناهيك عن أن المعصية تدفع نحو مزيد من المعاصي.
  • الابتعاد عن الغفلة: نهى الله -تعالى- عن الغفلة وعاب المتصفين بها، فقال: (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً). وبالتالي، فإن الاستمرار في الطاعات ينأى بالمسلم عن حالة الغفلة التي قد تؤدي به إلى الهلاك.
  • نيل محبة الله تعالى: قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إن المؤمن يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه، وهذه المحبة تُعدّ سببًا للنجاة في المواقف العصيبة.
  • استمرارية الأجر: يستمر الثواب للمسلم حتى في حال عجزة عن القيام بالطاعات بسبب السفر أو المرض، حيث تُدون الحسنات له في تلك الحالات كما لو كان في حالة صحية جيدة.
  • محو الذنوب: كما أخبرت الأحاديث، الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما، والعمرة إلى العمرة كذلك، والجمعة إلى الجمعة.
  • حسن الخاتمة: الأمور تُحكم بخواتيمها، لذا من يثابر على الطاعة يُنعم الله عليه بالقبض عليه في تلك الحال.
  • سبب لدخول الجنة: حيث قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).

علامات قبول الطاعة

إنّ الله -تعالى- قد أنعم على عباده بالتوفيق للعمل الصالح، وهذه من النعم العظيمة التي لا تكتمل دون نعمة أعظم، وهي القبول. إذا علم العبد أن الكثير من الأعمال قد تُرد يوم القيامة، من الضروري أن يسعى للتعرف على علامات قبول الأعمال الصالحة، وفيما يلي نوضح ذلك:

  • عدم العودة إلى الذنب: فالعودة للذنب علامة على الخسران والضياع، والتائب الصادق لا يعود إلى المعصية.
  • الخوف من عدم القبول: المسلم يخاف أن لا تُقبل أعماله عند الله، وهذا يدل على احتياجه الدائمي إليه.
  • التوفيق لأعمال صالحة أخرى: فالله -تعالى- يتفضل على عباده بفتح الأبواب لطاعات جديدة بعد الطاعات السابقة.
  • استصغار الأعمال: يجب على المؤمن ألا يفتخر بما فعله، بل يجب أن يدرك أن أعماله لا تُوفي شكر الله على نعمه.
  • حب الطاعة وكره المعصية: يسعى المسلم لتحسين العلاقة مع الطاعة، ويبتعد عن أي معصية.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *