مكان ولادة النبي يونس عليه السلام
أنزل الله النبي يونس -عليه السلام- إلى ضفاف نهر دجلة في العراق، هربًا من الظلم الذي تعرض له بسبب دعوته إلى دين الله. وكان الله قد بعثه نبيًا إلى أهل نينوى في أراضي الموصل، حيث يُعتبر يونس من نسل يعقوب -عليه السلام-، وقد بُعث إلى غير بني إسرائيل، حيث كان له وحي موجه للآشوريين في مدينة الموصل. تُظهر حضارة الآشوريين تميزًا كبيرًا في ذلك الوقت، وكانت عاصمتهم الصيفية مدينة نينوى، بينما كانت عاصمتهم الشتوية في آشور. عرف الآشوريون بقوتهم وغطرستهم تجاه الأمم المجاورة، وتقع نينوى في منطقة الجزيرة، وهي المنطقة المحصورة بين نهري دجلة والفرات.
نبذة عن نبي الله يونس عليه السلام
نسب يونس عليه السلام
يُنسب نبي الله يونس -عليه السلام- بن متّى، وهو من أنبياء بني إسرائيل، وترجع أصوله إلى يعقوب -عليه السلام-. وُلد في أرض الموصل ووجه دعوته إلى أهل نينوى ليدعوهم لعبادة الله -عز وجل- والتوحيد وترك عبادة الأصنام، إلا أنهم كذّبوه وعصوا أمره. تعتبر كلمة يونس من الأسماء الأعجمية، وأما والده متّى فيعود نسبه إلى بنيامين بن يعقوب. يُذكر كذلك أن اسم أمه هو متّى، وتفيد بعض الروايات بأن والدته تنتمي إلى نسل هارون -عليه السلام-. يُنطق اسم يونس بعدة طرق، بينما تُعتبر الضمة على النون هي الأصح. كما أُطلق عليه لقب “ذي النون” لأن السمكة ابتلعته في البحر.
وفاة يونس عليه السلام
أفاد العلماء في كتبهم بأن يونس -عليه السلام- توفي عام 815 بعد وفاة موسى -عليه السلام-، ودفن في قرية تُدعى حلحول، والتي تقع بالقرب من مدينة الخليل، على الطريق المؤدي إلى بيت المقدس.
قصة يونس عليه السلام مع قومه
التعريف بشعب يونس عليه السلام
ذُكر أن يونس -عليه السلام- أُرسل بعد سليمان -عليه السلام- بمقدار ستمائة عام إلى أهل نينوى، الذين كانوا من الآشوريين الذين قاموا بغزو بني إسرائيل وسبي نسائهم. بعثه الله -سبحانه وتعالى- لهدايتهم إلى الحق، ولإعادة بني إسرائيل إلى بلادهم. أسس الآشوريون حضارة بارزة في محيط نهر دجلة، ومن أبرز مدنهم: آشور، وأريلا، والكلخ، ونينوى، والتي تقع على الشاطئ المقابل لموصل. نشأ الآشوريون في البادية، لكنهم تأثروا بالثقافة الحضرية، وكان لهم عاصمتان: آشور في فصل الشتاء ونينوى في فصل الصيف، كما ذكر سابقًا.
دعوة يونس وتعامل قومه معها
دعا يونس -عليه السلام- قومه إلى التوحيد وترك السلوكيات المرفوضة والعدوانية، لكنهم أصروا على كفرهم وظلمهم واستمروا في عبادة الأصنام. وعندما رأى يونس -عليه السلام- تمردهم ورفضهم للحق، خرج غاضبًا. وقد فسر العلماء غضبه على عدة أوجه:
- الأول: خرج غاضبًا بسبب معصية قومه وتركهم لطاعته.
- الثاني: غضب لتكذيب قومه وجحودهم.
- الثالث: غضب على الملك الذي يتحكم في أمورهم لأنه لم يدعمه في دعوته.
بعد ترك يونس -عليه السلام- لهم غاضبًا، أخبرهم بأن عذابًا إلهيًا سيصيبهم بعد مدة ثلاثة أيام. وعندما بدأوا يرون علامات العذاب، ألقى الله في قلوبهم التوبة والندم، لكن يونس -عليه السلام- كان قد خرج وركب مع بعض القوم في سفينة. وأثناء وجوده في البحر، توقفت السفينة عن الحركة، فأخبرهم يونس -عليه السلام- بأن أحدهم قد ابتعد عن ربه، وأن السفينة لن تتحرك حتى يُلقى في البحر. اختاروا شخصًا عبر القرعة، وأُختير يونس ليلقي به في البحر. حالما وقع في البحر، ابتلعه حوتًا بعثه الله له، وعاش يونس -عليه السلام- في بطن هذا الحوت، كما ورد في القرآن: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ).
خروج يونس إلى السفينة وقصة الحوت
ظل يونس -عليه السلام- في بطن الحوت يذكر ربه ويعبده، وقد ورد قوله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالمِينَ). وعندما أخلص دعاءه وصدق في توبته، أرسل الله رحمته عليه، فقذفه الحوت على اليابسة بجسدٍ ضعيف بعد ما عاناه في بطنه، وأنبت الله -تعالى- له شجرة من اليقطين ليتغذى منها ويستتر بأوراقها، كما جاء في الآية: (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ* وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ).
استمر يونس -عليه السلام- في بطن الحوت لمدة أربعين يومًا، وقد ورد في تفسير ابن أبي حاتم أن الملائكة عندما سمعت دعاء يونس من بطن الحوت قالت: “يا رب صوت معروف ضعيف من بلاد غريبة”، فأخبرهم الله أنه عبده يونس. وسألت الملائكة: “ألا ترحم ما كان يفعله في الرخاء وتنقذه من هذه المحنة؟”، فأنقذه الله من هذا الابتلاء العظيم. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن دعاء يونس: (دعوة ذي النون حين دعا ربه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجيب له).