أرقى قصائد الغزل في العصر الأموي
غرتني بجيش من محاسن وجهها (أبو إسحاق بن موسى)
غرتني بجيش من محاسن وجهها
فعبى لها طرفي ليدفع عن قلبي
فلما التقى الجيشان أقبل طرفها
يريد إغتصاب القلب قسراً على الحرب
ولما تجارحنا بأسياف لحظنا
جعلت فؤادي في يديها على العضب
وناديت من وقع الأسنة والقنا
على كبدي، يا صاح مالي وللحب
فصرت صريعاً للهوى وسط عسكر
قتيل عيون الغانيات بلا ذنب
يقولون مسحور يجن بذكرها (جميل بثينة)
يقولون مسحور يجن بذكرها
فأقسم ما بي من جنون ولا سحر
تجود علينا بالحديث وتارة
تجود علينا بالرضاب من الثغر
فلو سألت مني حياتي بذلتها
وجدت بها، إن كان ذلك من أمري
هي البدر حسناً والنساء كواكب
وشتان ما بين الكواكب والبدر
قد فضلت حسناً على الناس مثلما
على ألف شهر فضلت ليلة القدر
غصن يهتز في دعص نقا (مروان بن عبد الرحمن الناصر)
غصن يهتز في دعص نقا
يجتني منه فؤادي حرفا
طلع الحسن لنا من وجهه
قمراً ليس يرى ممحقاً
ورنا عن طرف ريم أحور
لحظه سهم لقلبى فوقا
باسم عن عقد در خلته
سلبته لثتاه العنقا
سال لأم الصدغ في صفحته
سيلان التبر وافي الوراقا
فتناهى الحسن فيه إنما
يحسن الغصن إذا ما أورقا
رق منه الخصر حتى خلته
من نحول شفة قد عشقا
وكأن الردف قد تيمه
فغدا فيه معنى قلقاناحلا
جاور منه ناعماً
كحبيبي ظل لي معتنقا
عجباً إذ أشبهانا كيف لم
يحدثا هجراً ولم يفترقا
أقول غداة استقلّ الجميع (العرجي)
أقول غداة استقلّ الجميع
والعين من بينهم تسفح
كدفع دوالج من أكرة
مواهب جُمّ لها المنضح
أكفكفها جاهداً عنهم
وتغلب صبري فما تنشح
إذا نقص الحزن من مائها
غطا مدّ جيّاشه يطفح
أتصبر للبين أم تنتحي
لسلمى فذاك إذن أروح
فللصبر عند انفتال الزمان
بالمرء فيما رجا أنجح
أطاعوا بهجرانك الكاشحين
وقدماً أطيع بك الكشّح
فسوف إذا فكروا يعلمون
أجيبك أم جيبه أنصح
ومن هو في قوله صادق
ومن أمره مبرم موجح
فكاد لموعظتي يرعوي عن
الجهل والمرعوي المفلح
فأدركه من هوى تكتم
عقابيل أهونها يجرح
لقلب به قرحة منهم (العرجي)
لقلب به قرحة منهم
ألا إنهم ربّما أقرحوا
عليك فإن أصبحوا أفسدوا
من أمرك ما قبله أصلحوا
من الآن فاترك طلاب الذي
تولى من الأمر إذ أصبحوا
ولا تبتئس بهم أن جرى
عدوّ بأمر فلم يسجحوا
يا سليمى يا سليمى (الوليد بن يزيد)
يا سليمى يا سليمى
كنت للقلب عذاباً
يا سليمى ابنة عمّي
برد الليل وطابا
أيّما واشٍ وشى بي
فاملأي فاه ترابا
ريقها في الصبح مسك
باشر العذب الرضابا
وجارية خلقت وحدها (بشار بن برد)
وجارية خلقت وحدها
كأن النساء لديها خدم
دوار العذارى إذا زرنها
أظفن بحوراء مثل الصنم
يظللن يمسحن أركانها
كما يمسح الحجر المستلم
وبيضاء يضحك ماء الشباب
في وجهها لك أو تبتسم
ظمئت إليها فلم تسقني
برى ولم تشفني من سقم
درة بحرية مكنونة (بشار بن برد)
درة بحرية مكنونة
مازها التاجر من بين الدرر
عجبت فاطمة من نعتي لها
هل يجيد النعت مكفوف البصر
أمتا بدّد هذا لاعبي
ووشاحي حلة حتى انتشر
فدعيني معه يا أمتى
علنا في خلوة نقضي وطر
أقبلت مغضبة تضربها
واعتراها كجنون مستعر
بأبي والله ما أحسنه
دمع عين يغسل الكحل قصر
أيها النوام هبوا ويحكم
واسألوني اليوم ما طعم السهر
أبيت أرمد ما لم أكتحل بكم (بشار بن برد)
أبيت أرمد ما لم أكتحل بكم
وفي اكتحالي بكم شافٍ من الرمد
رقت لكم كبدي حتى لو أنكم
تهوون ألا أريد العيش لم أرد
كأن قلبي إذا ذكراكم عرضت
وذات دل كأن البدر صورتها (بشار بن برد)
وذات دل كأن البدر صورتها
باتت تغني عميد القلب سكراناً
إن العيون التي في طرفها حور
قتلنا ثم لم يحيين قتلانا
فقلت أحسنت يا سؤلي ويا أملي
فأسمعيني جزاك الله إحساناً
يا حبذا جبل الريان من جبل
وحبذا ساكن الريان من كانا
قالت فهلا فدتك النفس أحسن من
هذا لمن كان صب القلب حيراناً
يا قوم أدنى لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحياناً
فقلت أحسنت أنت الشمس طالعة
أضرمت في القلب والأحشاء نيرانا
أما أنت عن ذكراك ميّة مقصر (ذو الرمة)
أما أنت عن ذكراك ميّة مقصر
ولا أنت ناسي العهد منها فتذكر
تهيم بها ما تستفيق ودونها
حجاب وأبواب وستر مستر
علقتك ناشئاً (عروة بن أذينة)
علقتك ناشئاً حتى
رأيت الرأس مبيضاً
على يسر وإعسار
وفيض نوالكم فيضاً
ألا أحبب بأرض كنت
تحتلّينها أرضا
وأهلك حبذا ما هم
وإن أبدوا لي البغضا
نالت على يدها ما لم تنله يدي (يزيد بن معاوية)
نالت على يدها ما لم تنله يدي
نقشاً على معصم أوهت به جلدي
خافت على يدها من نبـل مقلتها
فألبست زندها درعاً من الزرد
سألتها الوصل قالت لا تغرّ بنا
من رام منا وصالاً مات بالكمـد
فكم قتيل لنا بالحب مات جوىً
من الغرام ولم يبديء ولم يعد
وخلّفتني طريحاً وهي قائلة
تأملوا كيف فعل الظبي بالأسد
قالت لطيف خيال زارني ومضى
بالله صدق ولا تنقص ولا تزد
فقال: خلّفته لو مات من ظمأ
وقلت: قف عن ورود الماء؛ لم يرد
قالت: صدقت الوفا في الحب شيمته
يا برد ذاك الذي قالت على كبدي
وأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت
ورداً وعضت على العنب بالبرد
هم يحسدوني على موتي فوا أسفي
حتى على الموت لا أخلو من الحسد