مواضع ذكر (قال ربك هو علي هين)
عند مراجعة كتاب الله عز وجل، نجد أن العبارة المذكورة قد وردت في موضعين من سورة مريم، وهما الآية 9 والآية 21، كما يلي:
- قوله تعالى: ﴿ قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبّكَ هوَ عَلَيَّ هَيِّنٞ وَقَدۡ خَلَقۡتكَ مِن قَبۡل وَلَمۡ تَك شَيۡـٔٗا ﴾، الآية 9 من سورة مريم.
- وقوله تعالى: ﴿ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبّكِ هوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَه آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً ﴾، الآية 21 من سورة مريم أيضا.
تفسير آية (قال ربك هو علي هين)
تفسير آية قال ربك هو علي هين في الوسيط
- جاءت هذه الآية الكريمة كاستجابة لسؤال زكريا عليه السلام، عندما قال: (رَبِّ أَنَّى يَكون لِي غلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْت مِنْ الْكِبَرِ عِتِيّاً).
- وتكررت كإجابة على سؤال السيدة مريم حينما سألت: (أَنَّى يَكون لِي غلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكنْ بَغِيّاً).
- الآية تُخبر عن مبتدأٍ محذوف، والتقدير: الأمر على هذا النحو.
- المعنى أن الله تعالى يجيب زكريا ومريم بأن الأمور ليست كما ظننتما.
- هذه الأمور التي تعتبرانها موانع لوجود ما تم بشراؤكما به، ليست عائقاً يمنع إرادتنا في منحكما هذين الغلامين.
- فإن قدرتنا لا يمكن لأي شيء أن يعوقها، كما لا تخضع لما تقتضيه الممارسات المعتادة.
- فرد الله على زكريا يشير إلى أن وجود الولد منكما أمر في غاية السهولة بالنسبة لي.
- ثم أظهر لزكريا ما هو أعظم مما سأل عنه بقوله: (وَقَدْ خَلَقْتكَ مِنْ قَبْل وَلَمْ تَك شَيْئاً)، بمعنى:
- لا ينبغي لك أن تتعجب، يا زكريا، من رزقك الله بغلام، رغم الحالة التي وصلت إليها.
- فإني الله الذي خلقك من العدم، ومن يستطيع الإيجاد من العدم، يستطيع أيضاً أن يرزقك بهذا الغلام.
- نفهم أن الآية تتوالى بصورة منطقية تؤكد كمال قدرة الله تعالى، مما يمنح زكريا اطمئناناً أكبر.
- وردت نفس الإجابة لمريم عندما تعجبت من أن يكون لها ابن دون زواج.
تفسير آية قال ربك هو علي هين للإمام القرطبي
- يمكن تفسير الآية بقوله: “قال ربك” والكاف في محل رفع، بمعنى أن الأمر كما قيل لك: هو علي هين، أي إن خلقه علي هين.
- “وقد خلقتك من قبل”: أي قبل أن أخلق يحيى.
- “ولم تك شيئا”: أي كما أن الله قد خلقك من العدم وليس هناك أي شيء موجود، فهو القادر على خلق يحيى رغم عقر زوجتك.
تفسير آية قال ربك هو علي هين للإمام الطبري
- القول في تفسير الآية: (قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبّكَ هوَ عَلَيَّ هَيِّنٞ) يوضح أن الله تعالى يجيب زكريا على سؤاله قائلاً:
- أي أن الأمر كما ذكرت من عقر زوجتك وإصابتك بالكبر.
- لكن خلق يحيى يسير أمام الله، فعبارة (هوَ عَلَيَّ هَيِّنٞ) تتعلق بطريقة خلق الله تعالى ليحيى.
- فمعنى الآية هو أن خلق هذا الغلام الذي بشرته به هو في الحقيقة ليس أصعب من خلقك من العدم.
- فكما أخذت على عاتقي خلقك من العدم، يمكنني أيضاً خلق هذا الغلام في رحم أمه.
تأويل آية (قال ربك هو علي هين) لابن كثير
- هذه الآية جاءت كاستجابة من الله تعالى لتعجب زكريا عندما تم تبشيره بيحيى، وقد شعر زكريا بسعادة كبيرة بعد الإجابة الوافية من الله.
- كان سؤال زكريا عن كيفية خلق الله لهذا الغلام رغم كبره في السن.
- وكيف يمكن أن يأتي هذا الولد بينما كانت زوجته لا تنجب، فكيف يمكن حدوث ذلك بعد تقدمهم في العمر؟
- كان رد الله بهذه الآية الكريمة، مبيناً أن الله قادر على كل شيء، وأنه أنهى الإجابة بقوله: (وَقَدْ خَلَقْتكَ مِنْ قَبْل وَلَمْ تَك شَيْئاً) بمعنى أن خلقك من العدم كان أمراً سهلاً علي، وبالتالي سأخلق لك الغلام أيضاً بسهولة.
تفسير الجلالين لقوله (قال ربك هو علي هين)
- معنى (قال): أي الأمر، و(كذلك): بمعنى من خلق غلام منكما.
- (قَالَ رَبّكَ هوَ عَلَيَّ هَيِّنٞ): أي أن ربك قد أعاد لك قوتك وأمكن رحم زوجتك من الحمل.
- (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً): أي أنك لم تكن شيئاً قبل أن أخلقك، وذلك لإثبات قدرة الله المطلقة.
- لقد ألهمه السؤال لتكون الإجابة واضحة، ولأن قلب زكريا كان يتوق للشفاء العاجل.
سورة مريم
سورة مريم هي السورة رقم 19 في القرآن الكريم، وتتألف من 98 آية. تمتد هذه السورة من الآية 1 إلى الآية 98 في المصحف الشريف. وتُعتبر سورة مريم من السور المكية، التي نزلت في مكة قبل هجرة النبي محمد ﷺ إلى المدينة المنورة.
السورة سُميت على اسم الشخصية الإسلامية مريم، المعروفة في الإسلام بأنها أم عيسى (عليهما السلام). تتناول السورة عدة موضوعات رئيسية، من بينها:
- حديث عن النبي يحيى وميلاده: تبدأ السورة بذكر قصة النبي يحيى (عليه السلام) وميلاده، وكيف بُشرَّت والدته مريم بقدومه.
- ذكر مريم وميلاد عيسى (عليهما السلام): تتناول السورة قصة مريم وولادتها لعيسى (عليه السلام) وكيف أُتهمت بالزنا ودافعت عن نفسها بوحي من الله.
- تأكيد على توحيد الله ونبذ الشرك: تركز السورة على أهمية توحيد الله وتنبذ الشرك والإشراك به.
- إظهار قدرة الله على الخلق والبعث: تعرض السورة قدرة الله على الخلق والبعث، وتؤكد على القيامة والحساب يوم الدين.
- تحذير من عقاب الله للكافرين ووعده بالجنة للمؤمنين: تحذر السورة من عقاب الله للكافرين وتقدم وعداً بالجنة للمؤمنين الذين يتقون الله ويعملون الصالحات.