يتعرض المسلم للعديد من الأحكام الفقهية خلال مراحل حياته اليومية، بما في ذلك ما يتعلق بالصيام. فقد منح الله ديننا اليسر بدلاً من العسر، ورخص لمن لا يستطيع الصيام أن يقضي الأيام التي أفطر فيها. يهدف مقالنا إلى توضيح مفهوم قضاء الصوم من حيث الدلالة اللغوية والشرعية.
الصوم وأحكامه
تعريف الصوم هو الامتناع عن كل ما يفطر من أفعال وأقوال، وهو مفروض على كل مسلم بالغ، عاقل، قادر على الصيام ومدرك لأحكامه.
ويعد ترك الصيام بمثابة كفر وارتداد عن الدين، وسيتعين على الحكام الشرعيين تطبيق العقوبات المناسبة، إذا لم يتب الشخص ويرجع إلى الإسلام.
ما الحكمة من الصوم؟
- فرض الله تعالى الصوم استجابة لرحمته بعباده، ومنحهم ثواباً عظيماً ورحمة من النيران، ومساعدتهم على دخول الجنة.
- يساهم الصوم في تهذيب النفس ومنحها السكينة والطمأنينة، كما أنه يجمع المسلمين في وقت واحد خلافاً لبقية الأيام.
- فضلاً عن ذلك، يعزز الصوم الرحمة والتعاطف بين الناس، حيث يذكر المسلم بالجياع ويشعر بمعاناة المحتاجين، مما يدفعه لمساعدتهم. كما أنه يريح الجهاز الهضمي.
ما هي أوقات الصوم في السنة؟
يأتي شهر رمضان مرة واحدة في السنة، وهو فرض على المسلمين. كما يُمارس الكثيرون صيام أيام الاثنين والخميس من كل أسبوع كنوع من الصيام النافلة.
ويوجد أيضًا صيام النافلة يوم عرفة لمن لم يحج، وصيام الست من شوال، بالإضافة إلى صيام الأيام البيض (13 و14 و15) من كل شهر هجري، وأيضًا صيام العشر الأوائل من ذي الحجة.
تعريف قضاء الصوم من حيث اللغة والاصطلاح
1 – من حيث اللغة
يستمد مصطلح “قضاء” من مفهوم الحاكم الذي يُفصل بين المنازعات، ويعبر عن أداء ما فُقد.
2 – من حيث الاصطلاح
يقصد به فعل العبد لإتمام العبادات التي لم يتمكن من أدائها في وقتها بسبب ظروف منعته من ذلك، أو أنه أفعال وأقوال محددة تُمارس في غير وقتها بسبب عذر شرعي.
الأسباب المبررة للإفطار في رمضان
1 – المرض
إذا أصيب المسلم بمرض خلال رمضان، وخاف أن يؤدي الصيام إلى تفاقم حالته الصحية، فله الحق في الإفطار، ويجب عليه قضاء ما فاته بعد انتهاء الشهر.
2 – الحائض والنفساء
يجب على المرأة التي تُصاب بدم الحيض خلال الصيام أن تفطر حتى تطهر، وبعد انتهاء رمضان يجب عليها قضاء ما فاتها. نفس الشيء ينطبق على النفساء.
3 – السفر
أجاز الله سبحانه وتعالى للمسافر جمع الصلوات وقصرها، كما رخص له بالإفطار إذا كان الإفطار سيسهل عليه السفر. ويشترط الفقهاء شروطًا للإفطار خلال رمضان تشمل:
- يجب أن يكون السفر مشروعًا وليس بغرض ارتكاب معصية.
- أن يكون السفر لمسافة معينة حددها الفقهاء بثلاثة أيام أو أكثر.
أما الحنفية، فقد أقروا بجواز الإفطار خلال السفر حتى ولو لم يحددوا عدد الأيام المطلوبة.
كيفية قضاء الصوم
تتمثل طريقة قضاء الصيام في أن من أفطر في رمضان لأسباب معينة بإمكانه قضاء تلك الأيام إما بشكل متتابع أو متفرق، حسب استطاعته، ولكن من المستحب أن يتم قضاؤها بصورة متتالية.
- توافق الفقهاء على جواز تأخير القضاء إلى أي وقت طوال السنة، وليس هناك الزام لقضاء الأيام فور انتهاء رمضان، لكن يجب قضاءها قبل دخول رمضان التالي، وإلا يكون الشخص آثمًا إذا لم يكن لديه عذر.
- إذا دخل رمضان على الشخص ولم يقضي ما فاته، فإنه يكون قد ارتكب خطيئة، باستثناء من كان مريضًا في رمضان ولم يشفي قبل دخول الشهر الجديد.
حكم من أفطر في رمضان عمدًا أو بالجماع
- الشخص الذي عمد إلى الإفطار أو الجماع في رمضان قد ارتكب ذنبًا كبيرًا ويجب عليه التوبة.
- اختلف الفقهاء في مسألة الكفارة؛ فوفقًا للحنفية والمالكية تجب عليه الكفارة، أما الشافعية والحنابلة فيرون أن عليه قضاء فقط مع وجوب التوبة.
ما هي الأمور التي تؤدي إلى إفساد الصوم؟
- تناول الطعام والشراب عمدًا يُفسد الصيام، أما إن كان ناسيًا فلا يُعدّ عليه ذلك.
- كذلك استنشاق البخور عمدًا يُفسد الصيام، كما أن القيام بالعادة السرية أو الجماع بين الزوجين أثناء النهار يفسد الصوم أيضًا.
- التدخين، والتقيؤ عمدًا، وأخذ الإبر المغذية تُعتبر من الأمور التي تفسد الصوم، بجانب الحيض والنفاس.
ما حكم من حاول قضاء الصيام وتوفي قبل قضائه؟
إذا توفي الشخص الذي لم يقضي الأيام بسبب مرض شديد، فهو غير معاقب. أما إذا كان بإمكانه القضاء ولم يفعل، فإن عليه عقوبة الله ويجب على أهله قضاء الأيام عنه.