احذر المحارم تكن أكثر عباد الله تقوى
إن الأساس في التقوى هو الامتثال لأوامر الله، ويعني ذلك اجتناب المعاصي التي حرمها الله تعالى، حيث أن الشخص الذي يتجنب هذه المعاصي سيجد في ذلك وسيلة لتفادي عذاب الله.
طرق اتقاء المحارم
ولكي يتمكن المسلم من تجنب المحارم، ينبغي عليه اتباع مجموعة من الخطوات الفعالة، وهي كما يلي:
تجنب الوسائل المؤدية إلى المحرمات
وضحّت الشريعة الإسلامية ما حرمه الله، وحددت النهي عن المحرمات بشكل قاطع، حيث تم تحريم كل ما يمكن أن يقود إليها. فقد تحرم جميع الطرق والوسائل التي قد تؤدي إلى الوقوع في المعصية، وذلك لتأكيد حرمتها والنهي عنها.
إذا كانت تلك الوسائل الموصلة إلى الحرام مشروعة، فإن ذلك من شأنه أن يتناقض مع التحريم، مما يُضعف النفس ويجعلها عرضة للوقوع في الحرام، وهو ما لا يرضاها الله تعالى. وبالتالي، فإن أول طريقة لتجنب المحارم هي الابتعاد عن الطرق التي تؤدي إليها.
كما جاء في كتاب “إعلام الموقعين” لابن القيم: “إن سياسة ملوك الأرض ترفض ذلك، فكما أن أحدهم إذا منع جنوده أو رعيته من شيء ثم فتح لهم الطرق المؤدية له يعتبر هذا تناقضاً، كذلك يجب على الأطباء منع أي وسيلة قد تؤدي إلى المرض حتى يمكنهم علاجه. فما بالكم بهذه الشريعة الكاملة، التي تتسم بأعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال.”
ترك ذنوب الخلوات
قد حذر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من ذنوب الخلوات، حيث قال: (لأعلمنَّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات كجبال تهامة بيضاً، فيجعلها الله هباءً منثوراً). فقال ثوبان: يا رسول الله، صفهم لنا لعلنا لا نكون منهم ونحن لا نشعر، فأجاب النبي أنهم إخوانكم وأبناء جنسكم لكنهم يتخذون الليل لأحوالكم، كما أن لهم ذنوباً في الخلوات.
يعكس هذا الحديث خطورة انتهاك محارم الله في الخلوات، حيث تُعد ذنوب الخلوات من أسوأ الأفعال التي تؤدي إلى الانتكاسات. كما أن هذه الذنوب تعتبر أكثر خطراً مقارنةً بالعبادات الخفية التي تُعد من أعظم وسائل الثبات.
الإحساس برقابة الله والخوف منه
من الأسباب المهمة التي تعزز اتقاء المحارم هو الشعور برقابة الله -تعالى- والخوف منه في جميع الأحوال. إذ تُعَد استشعار رقابة الله من حقوقه على عباده، حيث ينبغي للعبد أن يكون واعياً بوجود الله في كل وقت، وأن يدرك بأن الله تعالى يراقبه ويسمعه، ويعلم بما يسرّه ويُظهره.
هذا الوعي يدفع العباد إلى مراعاة أنفسهم في الخلوات ويعزز من قدرتهم أمام المعاصي التي حرمها الله -تعالى-. على العبد البحث عن الاستشعار برقابة الله مع الحب والخوف، بحيث يستشعر الثواب ويخشى العقاب.
اتقاء الشبهات
يعتبر الابتعاد عن الشبهات من أهم عناصر التقوى. فالشبهات تعود بالضرر على الدين والعرض، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما شبهات…). فمن يتجنب الشبهات يحافظ على دينه وعرضه.
الوقوع في الشبهات يؤدي بلا شك إلى الوقوع في المحرمات. يكون صلاح العبد متوقفاً على صلاح الحركات والأنشطة التي يقوم بها وابتعاده عن كل ما هو محرم، إضافةً إلى تجنبه للشبهات.
إذا كان القلب متجرداً من كل ما يغضب الله، وكان الإنسان حريصاً على عدم الوقوع في المحرمات وتجنب الشبهات خوفاً من العواقب، سيكون قلبه سليماً. بينما إذا اتبع القلب الهوى، فإنه سيصبح فاسداً.
ملازمة الصحبة الصالحة
تعد الصحبة الصالحة من العوامل الجوهرية التي تساعد على الصلاح، حيث تعزز الأخوة الصادقة في الله وتقود إلى الالتزام بالطاعات.
للرفقة الصالحة تأثير كبير على الأفراد؛ فالصديق الملتزم بشرع الله يكون سنداً له في اتقاء ما حرمه الله.
سؤال الله الثبات
من أهم الأسباب التي تساعد على البعد عن المحرمات هو الدعاء بالثبات، فهو أساسي لجلب الخير ودفع الشر. فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو الله كثيراً: (يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك)، لذا ينبغي للمسلم الدعاء الله -تعالى- ليثبته على الإسلام ويبعده عن المعاصي والشبهات.