دراسة حول الملك زوسر مع المصادر والمراجع

يُعتبر الملك زوسر (المعروف أيضًا باسم Netjerikhet وTosorthos وSesorthos، حوالي 2670 قبل الميلاد) أول ملوك الأسرة الثالثة في مصر، حيث حكم لمدة تزيد عن عشرين عامًا. في هذا البحث، سوف نستعرض تاريخ حكم الملك زوسر وأهم إنجازاته في تاريخ مصر القديمة.

مقدمة عن الملك زوسر

كان زوسر ثاني ملوك الأسرة الثالثة (حوالي 2650 – 2575 قبل الميلاد) ومن أبرزهم، وتولى مسؤولية بناء أول هيكل حجري مهم في مصر. استمر عهده لمدة حوالي 19 عامًا وشهد تطورات عمرانية كبيرة تشكلت في استخدام الهندسة المعمارية الحجرية، بالتعاون مع وزيره إمحوتب، المهندس والطبيب المبدع.

حياة الملك زوسر

تشير بعض المصادر إلى أن سان اخت هو أول حاكم للأسرة الثالثة، ولكن هذا الادعاء يواجه بعض الانتقادات لعدم وجود أدلة أثرية تدعمه، حيث يُعرف اسم سان اخت فقط من خلال نقوش محددة مثل قائمة ملك أبيدوس وبرديات تورين.

حقق الملك زوسر شهرة واسعة من خلال بناء هرم زوسر، الذي يعد أول هرم في مصر. على الرغم من شروعه في العديد من مشاريع البناء الأخرى، يقترح بعض العلماء أنه حكم لما يقارب الثلاثين عامًا بالنظر إلى عدد المقابر والمعابد التي أمر ببنائها.

لا تتوفر معلومات وفيرة عن حياة زوسر الشخصية، حيث يُترجم اسمه “Netjerikhet” إلى “إله الجسد” بينما يُشتق اسم “Djoser” من رمز Djed الذي يدل على الاستقرار. كان والده خاسخموي آخر ملوك الأسرة الثانية، ووالدته كانت الملكة نعمة، وكان زوسر متزوجًا من هيتغير نبيتي، التي يُعتقد أنها أخته غير الشقيقة.

رغم الشائع عن الفراعنة أنهم يملكون زوجات متعددات، إلا أن زوسر لم يتزوج سوى بيتيفير نباتي. منذ توليه العرش، بدأ الملك زوسر تنفيذ مشاريع بناء جديدة على الفور. أكدت المؤرخة مارغريت بونسون أن زوسر “حكم خلال عصر شهد تطورات حضارية على ضفاف النيل، بما في ذلك بناء المعالم المعمارية، والتطورات الزراعية، وزيادة التجارة، وظهور المدن”.

العمارة خلال عصر زوسر

يمكن فهم التصميم الفريد لهرم زوسر من خلال دراسة الهياكل المعمارية المستخدمة قبل بناء الأهرامات. خلال الأسرة الحاكمة المبكرة والمملكة القديمة، كانت مباني المدافن للأفراد النخبة تتضمن هياكل مستطيلة بسقف مسطح وجوانب مائلة.

يبدو أن زوسر أراد أن يتفوق على أسلافه، ولذلك صمم هرمًا مدرجًا يتكون من عدة درجات تتناقص في الحجم. لذا يمكن القول إن بناء هرم زوسر كان تعبيرًا عن تطور مفهوم الملكية في مصر، حيث كانت هذه الهياكل تُعتبر وسيلة لتمكين الملك من الانتقال إلى العالم الإلهي بعد وفاته.

مدخل الهرم يقع في الجانب الشمالي، وكذلك يقع معبد زوسر الجنائزي في نفس الجانب، حيث كانت هذه المعابد تُستخدم للعبادة وأداء الطقوس اليومية وتقديم القرابين للملك في حياته الآخرة.

يعد مجمع هرم زوسر علامة بارزة على التطور المعماري في بداية الأسرة الثالثة، وقد تم تحسين الزخارف لتذكير الناس ببركات الآلهة وتناغم الأرض.

استقرار البلاد خلال حكم زوسر كان جزئيًا نتيجة لنجاحه في تأمين حدودها وتوسيعها، حيث قامت الحملات العسكرية بتوسيع النفوذ المصري في سيناء، ونجح الملك في هزيمة الليبيين والسيطرة على أجزاء من أراضيهم، مما ساعد على تعزيز موقفه كملك قوي.

أهم تطورات حكم زوسر

  • النقش المعروف باسم “Stele of the Famine” يعود للأسرة البطلمية (332-30 ق.م.) ويروي كيف أنقذ الملك بلاده من مجاعة استمرت سبع سنوات.
  • جاء الإله خنوم إلى زوسر في حلم، مُشيرًا إلى تدهور معبده في جزيرة الفانتين، مما أرغمه على زيارة الجزيرة وإعادة بناء المعبد.
  • مساعدة من وزيره إمحوتب، تمكن زوسر من بناء معبد جديد، وعندما اكتمل البناء انتهت المجاعة، مما أدى إلى تقدير الناس له.
  • المعبد الذي بناه زوسر، والفناء المحيط به، لا يزال يُظهر آثار تلك الحقبة على الرغم من أعمال الترميم في العصور اللاحقة، مما يثير نقاشاً حول تاريخ الجفاف وأساطير الأرض.
  • يعد الأثر الرئيسي لهذا النقش هو كيف تم تذكر زوسر عبر التاريخ، سواء حدثت الأحداث بدقة أو كانت مجرد أسطورة.

هرم سقارة المدرج

يُعتبر هرم خوفو الأكبر في الجيزة الأشهر بين الأهرامات، غير أنه لم يكن الأول الذي بناه المصريون القدماء، حيث سبق هذا الهرم بناء هرم زوسر، المعروف بكونه أول هرم مدرج في سقارة.

كانت تكنولوجيا البناء وإدارة المشروع يعودان إلى إمحوتب، المستشار المعماري لزوسر، والفارق الواضح بين هرم زوسر والهرم الأكبر هو التصميم الخارجي، حيث يتكون هرم زوسر من ست درجات، مما أطلق عليه هرم سقارة.

يحيط بهذا البناء عدد من المباني الحجرية التي تمثل الأضرحة المتعلقة بالطقوس الملكية، وقد تم تصميمها بعناية لتشبه المواد المستخدمة في البناء التقليدي.

كان المجمع محاطًا بجدار يتضمن مدخلًا واحدًا في الركن الجنوبي الشرقي، إذ كان زوسر أول ملوك الأسرة الثالثة الذين أقاموا في ممفيس كخطوة استراتيجية لجعلها المركز السياسي والثقافي للبلاد.

وصف المؤرخ مار فان دو ميروب المجمعات الأولى بأنها كانت ضخمة ولكن مصنوعة من الطوب، بينما يعتبر هرم زوسر المدرج هو أول بناء ضخم في التاريخ مصنوع بالكامل من الحجر.

حملات الملك زوسر

يُعتبر الملك زوسر من أبرز الملوك الذين نظموا حملات عسكرية لجلب المعادن الثمينة من سيناء، واهتم بتوثيق هذه الأحداث من خلال النقش على الجدران، مما أتاح لهذه الوقائع البقاء محفوظة لألاف السنين.

خاتمة

في ختام بحثنا حول الملك زوسر، يتضح أن المشاريع المعمارية التي انطلقت خلال حكمه كانت بمثابة تجسيد لأفكار إمحوتب كونه المهندس الرئيسي. فقد تم تقسيم الفضل في استخدام الحجر كمواد بناء بينه وبين الملك زوسر، والذي عُرف لاحقًا بلقب “الفاتح الحجري”، إشارة إلى إنجازاته المعمارية المهمة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *