ابن هانئ الأندلسي
ابن هانئ الأندلسي، المعروف أيضاً بأبو القاسم محمد بن هانئ بن سعدون الأزدي الأندلسي، هو واحد من أبرز شعراء المغرب العربي والأندلس خلال فترة الدولة الفاطمية. ويلقب بـ”متنبي الغرب” باعتباره أعظم شعراء المغرب العربي، كما عاصر المتنبي نفسه. ينتمي ابن هانئ بنسبه إلى المهلب بن أبي صفرة، حيث وُلِد والده هانئ في إحدى قرى المهدية في إفريقيا (حالياً تونس). بينما وُلِد ابن هانئ في إشبيلية حيث نشأ وتعلم، ثم انتقل بين إشبيلية ومدينة البيرة، وكان والده هانئ شاعراً وأديباً، مما أتاح له فرصاً كبيرة لدراسة الشعر والأدب.
رحلة ابن هانئ من إشبيلية
تلقى ابن هانئ تعليمه في مجال الشعر والأدب، مما جعله يرتبط بحاكم إشبيلية الذي كان يقدره ويحترمه. إلا أن بعض سكان المدينة اتهموه باتباع مذهب الفلاسفة، مما دفع الملك إلى نصيحته بالرحيل. وعليه، ترك ابن هانئ إشبيلية وهو في السابعة والعشرين من عمره، متوجهاً إلى المغرب حيث مدح جوهر الصقلي. ثم انتقل إلى الزاب في سبيل اللقاء بجعفر ويحيى، اللذين قدّماه تقديراً كبيراً. وبمجرد أن وصل خبر ابن هانئ إلى المعز أبي تميم معد بن منصور الفاطمي، طلب منه أن يأتي إليه، فحضر ابن هانئ وأقام بالمنصورية قرب القيروان، حيث منح المدح بشكل مبالغ فيه.
أعمال ابن هانئ
يُعَدّ “ديوان ابن هانئ الأندلسي” من أهم مؤلفات ابن هانئ، رغم أنه لم يترك أثراً آخر بارز. وقد ذكر بعض المؤرخين أن ابن هانئ كتب تاريخاً عن الأندلس، أُطلق عليه اسم “تاريخ الأندلس” من قبل إسماعيل باشا البغدادي و”تاريخ ابن هانئ” من قبل فؤاد سزكين. كما أشار كارل بروكلمان إلى أن هذا الكتاب يُحتمل أن يكون محفوظاً في فاس، إلا أنه لم يتم التحقق من وجوده، إلى جانب عدم وجود دلائل تدعم صحة ما يُنسب إليه.
من الجدير بالذكر أنه تم استدراك بعض مؤلفات ابن هانئ التي لم تظهر في الطبعات القديمة أو الحديثة لديوانه، وذلك من خلال تحقيق محمد اليعلاوي الذي اعتمد على كتاب الباحث الإسماعيلي زاهد علي والذي يحمل عنوان “تبيين المعاني في شرح ديوان ابن هانئ”. ويُعتبر هذا الكتاب من أكمل الدواوين المطبوعة من حيث المحتوى والدقة، وذلك بفضل اعتماد الباحث على العديد من المخطوطات التي وجدت في أنحاء متفرقة من العالم، بما في ذلك مخطوطات هندية فريدة.
وفاة ابن هانئ
عندما غادر المعز إلى مصر، دعا ابن هانئ للذهاب معه. ولكنه طلب الإذن بالعودة إلى المغرب لأخذ أولاده. وفي الطريق إلى مصر، قُتل ابن هانئ في الثالث والعشرين من رجب سنة 362 هـ في منطقة برقة. وعندما وصل خبر وفاته إلى المعز، حزِن عليه، مشيراً إلى رغبته في أن يُفاخر به شعراء المشرق، ولكن لم يكن ذلك مقدراً له.