الجدل حول موقع أهل الكهف
تتنوع الآراء بشأن موقع قبور أصحاب الكهف الذين ذُكِروا في القرآن الكريم، وخاصة في سورة الكهف، حيث تتناول القصة مجموعة من الفتية المؤمنين. وقد شملت هذه الآراء ما يقارب أربعين دولة حول العالم تحتوي على كهوف يُتَوقع أن تكون مرتبطة بأصحاب الكهف. من بين هذه الدول نجد اليمن وتركيا، والتي تحتوي كل منهما على ثلاثة مواقع مختلفة تُسمّى بمواقع أصحاب الكهف. ورغم تنوع الأراء واختلافها، لم يتم حتى الآن العثور على دليل واضح أو معلومات وثائقية تاريخية تؤكد المكان الحقيقي لأهل الكهف.
يعتقد أحد المستشرقين أن موقع أهل الكهف موجود في كهف الرجيب في الأردن، بينما تشير وجهات نظر أخرى إلى أن الكهف يقع في مدينة البتراء الأردنية. هناك أيضاً من يعتقد أن أصحاب الكهف قد يكونون موجودين في مدن أخرى مثل نينوى، دمشق، بريطانيا، اسكندنافيا، وروما. ومع ذلك، لم يتم التحقق من صحة أي من هذه الادعاءات حتى الآن.
مكان أهل الكهف في الأردن
يقع الكهف المرتبط بأصحاب الكهف في الأردن، تحديداً في قرية الرجيب، المعروفة سابقاً باسم الرقيم، وهو الاسم المتوافق مع ما تم ذكره في القرآن الكريم. تتموقع هذه القرية على بُعد 1.5 كم شرق منطقة أبو علندا، ونحو 4 كم شرق مبنى الإذاعة والتلفزيون الأردني. يتموضع الكهف على سفح جبل بالقرب من مقبرة بيزنطية تابعة لمنطقة أبو علندا، ويفتح مدخله على قاعة مركزية تتفرع منها ثلاث غرف مسقوفة بعقود، مع وجود سبعة مدافن حجرية مزينة بزخارف نباتية وهندسية في الجهتين الشرقية والغربية.
دلائل وجود مكان أهل الكهف في الأردن
استند علماء التاريخ والآثار إلى عدد من الإشارات والدلائل التي تؤكد وجود كهف أصحاب الكهف في الأردن، وفيما يلي بعض من هذه الأدلة:
- الدليل التاريخي: تتواجد العديد من الشهادات التاريخية التي تدعم وجود كهف أصحاب الكهف في جبل الرقيم في الأردن، حيث شهد عدد من الصحابة وقادة الجيوش الإسلامية بمشاهدتهم لعظام أصحاب الكهف، ومن بينهم الصحابي عبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان، وحبيب بن سلمة، وابن عباس رضي الله عنهم جميعاً.
- الدليل الأثري: تشير الدراسات الأثرية إلى أن الموقع القائم في الرجيب يعود لأصحاب الكهف، حيث كشفت التنقيبات عن وجود بناء قديم فوق الكهف استُخدم كمسجد في العصر الإسلامي، بالإضافة لوجود بقايا محراب فوق باب الكهف، وسبعة أعمدة حجرية غير مكتملة وبينها بئر مياه كان يُستخدم للوضوء، مع وجود بقايا ثمانية قبور وعظام كلب. يجدر بالذكر أن المسلمين قديماً أولوا اهتماماً كبيراً بالمسجد وتم ترميمه أكثر من مرة، لاعتقادهم بأنه كهف أصحاب الكهف المذكور في القرآن الكريم.
- الدليل الجيولوجي: تُظهر الدراسات الجيولوجية أن خصائص منطقة كهف الرجيب تساعد في الحفاظ على الأجسام بسبب تركيبة التربة فيها، حيث تحتوي التربة على عناصر وأملاح تعمل على إنتاج أشعة تساهم في حفظ ومنع تحلل اللحوم، وهو ما يفسره الجيولوجيون كسبب لاستمرار أجسام أصحاب الكهف محفوظة لأكثر من ثلاثة قرون دون تأثيرات من البيئة الخارجية.
- أدلة أخرى: ينطبق على كهف الرجيب في الأردن ما ذكره القرآن الكريم بخصوص آية طلوع وغروب الشمس، حيث أثبت الباحثون توافق حركة الشمس مرتين يومياً على الكهف في هذا الموقع، بينما لم يتوفر ذلك في باقي الكهوف المرتبطة بأصحاب الكهف مثل كهف أفسوس وكهف طوروس في تركيا لوجود فتحات لا تتوافق مع سقوط أشعة الشمس كما ذُكر في القرآن.
أقوال عن مكان أهل الكهف في الأردن
هناك المزيد من المعطيات التي تدعم وجود كهف أصحاب الكهف في الرجيب بالأردن، ومن أبرز الأقوال المنسوبة لعلماء ومؤرخين قدامى:
- قول ياقوت الحموي: إن عمان هي مدينة دقيانوس الذي فتن أصحاب الكهف، ويقع بالقرب منها الكهف، والرقيم معروف عند أهل تلك البلاد.
- قول ابن شداد: البلقاء منطقة بها الكهف والرقيم، وفيها مدينة تُسمى عمان تحتوي على آثار قديمة.
- قول المقريزي: عُمّرت مدينة عمان من البلقاء للأمير صَرْغَتمش، حيث تم نقل الولاية والقضاء منها إلى حسبان، وجعلت أمّ البلاد، ويُقال إنها مدينة دقيانوس الملك الذي أخرج منها أصحاب الكهف، والرقيم موضع معروف هناك.
- قول القزويني: بلقاء: منطقة بين الشام ووادي القرى، تحتوي على قرية الجبارين ومدينة الشراة، كما يُزعم أنها تحتضن الكهف والرقيم.
للاطلاع على المزيد من معالم الأردن، يمكنك قراءة المقال المعالم السياحية في الأردن.