الآثار الرومانية في مصر
فيما يلي أبرز الآثار الرومانية المتواجدة في مختلف مناطق مصر:
- المسرح الروماني: يقع هذا المسرح في مدينة كوم الدكة، وتاريخ تشييده يعود إلى القرن الرابع الميلادي. يتميز بتصميمه الذي يشبه حدوة الحصان أو الحرف (U) باللغة الإنجليزية، ويتألف من 13 صفاً من المدرجات المرقَّمة لتسهيل تنظيم الجلوس، حيث صُنعت المدرجات السفلية من الجرانيت الوردي، بينما تم بناء بقية المدرجات من الرخام. يوجد في نهاية المدرج 5 مقصورات للنوم، تبقى منها اثنتان في الوقت الراهن، وقد صُممت أسقفها على شكل قبب مُدعَّمة بأعمدة. كما يحتوي المسرح في وسطه على منطقة أوركسترا مخصصة للعزف.
- مقبرة كوم الشقافة: تُعتبر هذه المقبرة الأكبر بين المقابر الرومانية في الإسكندرية، ويعود تاريخها للقرن الثاني الميلادي. تقع في الجهة الجنوبية الغربية للإسكندرية القديمة، وقد تم اكتشافها بالصدفة في عام 1892، مع الكشف عنها نهائياً في عام 1900. تتكون المقبرة من سلَّم حلزوني يربط بين الطوابق الثلاثة، حيث تكون الدرجات السفلية أكثر ارتفاعاً مقارنة بالعلوية، مما يجعل ارتفاعها يتناقص تدريجياً كلما صعدت للأعلى.
- عمود السواري: يُعَد هذا المعلم إحدى أبرز الآثار الرومانية في الإسكندرية، ويُعتبر أضخم معبد في المدينة خلال العصرين اليوناني والروماني، وهو ما تبقى من معبد السيرابيوم الذي أسسه الملك بطليموس الثالث. يَقَع عمود السواري بين مدافن المسلمين الحالية والمعروفة باسم مدافن العمود وهضبة كوم الشقافة الأثرية، ويبلغ طوله تقريباً 27 متراً، وهو مصنوع من حجر الجرانيت الوردي.
- معبد فيلة: يُعرَف أيضاً بمعبد إيزيس، ويعتبر من الآثار الرومانية المهمة في مصر، وتحديداً في مدينة أسوان. يقع المعبد في جزيرة فيلة، التي كانت ذات أهمية تاريخية بسبب قربها من جزيرة أسوان، ويغطي المعبد أكثر من ربع مساحة الجزيرة. تم بناء المعبد على يد الملك بطليموس الثاني، ويُشار إلى أنه من بين أكثر المعابد المصرية القديمة التي استمرت في العمل، حيث استمر حتى فترة حكم الملك البيزنطي جستنيان (527م-565م)، الذي أمر بإغلاق المعابد الوثنية.
- حصن بابليون: أُقيم هذا الحصن منذ حوالي ألفي عام، وتحديداً في منتصف القرن الثاني الميلادي، بناءً على أمر الحاكم الروماني تراجان لبناء قلعة دفاعية قوية على الجهة الشرقية لمصر. يتميز الحصن بموقعه الجغرافي الاستراتيجي، مما أتاح للجيش الروماني منع أي تحركات عسكرية ضدهم من الشمال أو الجنوب، وكذلك عمل كبرج مراقبة لأي هجوم محتمل. من المرجح أن اسم “بابليون” يعود لأحد البلدان المجاورة، وبالتحديد من منطقة هليوبوليس.
- معبد القيصرون: بدأت الملكة كليوباترا السابعة بناء هذا المعبد لتكريم ماركوس أنطونيوس، لكن وفاتها حالت دون إتمام البناء، ليقوم الإمبراطور أغسطس بإكماله وتخصيصه للعبادة. على الرغم من ذلك، دمر المعبد بالكامل مع مرور الوقت، ولم يتبقَ سوى مسلتين عُرفتا باسم “إبر كليوباترا”. نُقلت المسلة الأولى إلى لندن عام 1877 لتُوضع على ضفاف نهر التايمز، بينما نقلت المسلة الثانية إلى الولايات المتحدة عام 1879 لتُعرض في حديقة سنترال بارك.
- منطقة كوم الدكة: تقع هذه المنطقة وسط مدينة الإسكندرية، وتعكس معالم الحضارة المعاصرة. تشير الآثار المكتشفة في هذه المنطقة إلى بناء معماري جميل يشمل حمامات ضخمة، مسارح، قاعات محاضرات، فيلات، ومنازل. كانت الحمامات الرومانية والمدرجات من أول المعالم المكتشفة في هذه المنطقة، واسم “كوم الدكة” يعني بالعربية “كوم التراب المضغوط”، وكان يُطلق عليها سابقاً اسم “كوم الديماس”.
- معبد الرأس السوداء: تم بناء هذا المعبد في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الميلادي على يد القائد الروماني إيزادورس كتعبير عن شكره للإلهة إيزيس. تم اكتشاف المعبد في عام 1936 أثناء عملية تنقية الرمال من منطقة الرأس السوداء. يُعتبر المعبد الوحيد في الإسكندرية ويشتمل على منصة يتصل بها عبر سلالم، وتتوسط هذه المنصة قاعدة صغيرة وُضعت عليها قدم رخامية نذرية تمثل قدم إيزادورس. كما يوجد في الخلفية أربعة أعمدة تتوسطها خمسة تماثيل رخامية، بالإضافة إلى سلالم تقود إلى غرفتين، مع وجود مصاطب على الجدران الجانبية لإحدى الغرفتين، مما يدل على استخدامها لإقامة الكهنة العاملين بالمعبد.
للمزيد عن السياحة في مصر، يمكنك الاطلاع على المقال: السياحة في مصر.
خصائص الآثار الرومانية في مصر
يُعتبر فن العمارة الرومانية نتاجاً لمزيج من الفنون والحضارات السابقة، وأبرزها الحضارة الإغريقية، لكن العمارة الرومانية أوصلت لم يتميز عن تلك الحضارات السابقة. في ما يلي أهم خصائص العمارة الرومانية في مصر:
- التركيز على المباني العادية بدلاً من المعابد والأماكن الدينية.
- الإقبال على بناء المنشآت العامة بدلاً من السكنية.
- تصميم المباني بحيث تتمتع بالقوة، والمرونة، والسعة، وتكلفة البناء المنخفضة.
- الابتكار والإبداع، حيث استخدم الرومانيون عناصر معمارية جديدة لم تكن موجودة من قبل؛ مثل الأقواس، والقباب، والأقبية.
- استخدام مواد معمارية تمتاز بالتحمل كالمونة والخرسانة، وهي مواد تم استخدامها في الحضارات السابقة أيضاً، لكن الرومان استطاعوا استخدامها بطرق مبتكرة وأظهروها بشكل جذاب من خلال تغطيته بالطوب أو الحجر.
الحضارة الرومانية في مصر
تحت حكم الإمبراطورية الرومانية بقيادة الإمبراطور الروماني، وقعت مصر في فخ فقدان استقلالها منذ عام 31 ق.م، وذلك بعد معركة أكتيوم البحرية التي هُزم فيها أنطونيوس والملكة كليوباترا السابعة على يد القائد أوكتافيوس المعروف باسم أغسطس، الذي تم تنصيبه رسمياً كفرعون. تم تقسيم البلاد حينها إلى ثلاث مناطق، يحكم كل منها حاكم محلي، على أن جميعهم كانوا تحت سلطة الإمبراطور.
كانت مصر غنية بالموارد الاقتصادية، مما دفع روما لاستغلالها والاهتمام بها بشكل كبير؛ حيث أنشأ بعض الحكام الرومانيين مستوطنات في مصر، واهتموا بابتكار تقنيات لتعزيز الزراعة، مما ساعد على تعزيز مكانة مصر كسلّة خبز العالم القديم. من أبرز التقنيات الزراعية التي طورها الرومان في مصر: بناء قنوات المياه والسدود، وزيادة إنتاج الحبوب، والتوسع في إنتاج العنب.
تأثرت الحياة في مصر بالثقافة الرومانية، وبالمثل تأثر الفكر الروماني بنمط الحياة المصرية. وقد أفضى هذا التفاعل الثقافي إلى ظهور نمط فكري مميز، اتضح من خلال انتشار طقوس العبادة في مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية. ولكن في عام 285م، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية، وانتهت الإمبراطورية الغربية بسقوط روما جراء هجمات البربر، بينما استمرت الإمبراطورية الشرقية لتعرف فيما بعد باسم الدولة البيزنطية في عام 330م.