المسجد الجامع في مدينة المهدية
يعتبر المسجد الجامع الكبير في مدينة المهدية أحد المعالم التاريخية البارزة، حيث يقع في المدينة الساحلية المهدية في تونس. تم تأسيس هذا المعلم الديني العريق في القرن العاشر الميلادي على يد الخليفة الفاطمي عبد الله المهدي، حيث بُني في عام 916 ميلادي بعد إنشاء المدينة. يقع المسجد في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة التي كانت تحتضن المدينة القديمة، ضمن الجدران الدفاعية التي أنشأتها الخلافة على منصة مستصلحة من البحر، كما ذكر الجغرافي الأندلسي البكري. ويعتبر هذا النصب تجسيدًا للروح الريادية في العمارة الدينية التي عند بدء الفتح العربي في إفريقيا.
التصميم المعماري للمسجد الجامع في مدينة المهدية
يتخذ المسجد الجامع شكلاً مستطيلاً بأبعاد 75 مترًا في 55 مترًا، ويحيط به برجان دائريان. يعمل البرجان الكبيران في الزوايا على جمع المياه الجارية من التراسات كخزانات لتخزين مياه الأمطار. يُعتقد أنهما كانا يتغذيان في فترة ما من خط المياه الذي كان يُستخدم لتزويد قصر المهدي من مصادر تحت الأرض في منطقة ميانش، التي تبعد عن المدينة حوالي ستة كيلومترات.
يبدو أن المسجد لم يحتوي على مئذنة. أمام المدخل الرئيسي يبرز رواق يُعتبر أول ظهور لنمط العمارة المغربية. يتميز هذا الرواق بتصميمه المتناغم مع سقف دائري بشكل حدوة حصان، مع كوات على جانبيه. وفي الجزء السفلي، تظهر زخارف مخصصة لأماكن الشرفة بكوات مسطحة الظهر، وهي من سمات العمارة الفاطمية. يؤدي رواق المدخل إلى فناء محاط بأربعة أروقة تتواجد في زواياها غرف، تدعمها أعمدة ترتفع من الفناء. وتستند الأقواس المدببة في المعرض الشمالي ببساطة على أعمدة، بينما تحتوي المعارض الثلاثة الأخرى على أقواس مستديرة وحادات على شكل حدوة حصان مع أعمدة مزينة بتيجان خاصة من الرواق الجنوبي الشرقي.
تحتوي قاعة الصلاة على تسع بلاطات وثلاثة أساكيب، حيث يتكون الصحن المركزي من جناح على شكل حرف T. يتقاطع الجناحان تحت قبة مدعومة بأعمدة متعددة القوالب، أسفلها يوجَد نسخة من محراب يعود للقرن الخامس عشر. يتكون هذا المحراب من كوّة بها طريق مسقوف يحده قوس حدوة حصان، يستند على أعمدة صغيرة مزودة بتيجان زيرية.
التطورات التاريخية للمسجد الجامع في مدينة المهدية
مرت المسجد الجامع الكبير في المدينة المهدية بعدد من الإضافات والترميمات. في البداية، انهارت أجزاء من المسجد في البحر في القرن الحادي عشر وتم إعادة بنائه لاحقًا. وفي عام 1554، تعرض المسجد تقريبًا لتدمير كامل، جنبًا إلى جنب مع الأسوار المحيطة به. وفي أوائل القرن الثامن عشر، تمت إعادة بناء المسجد مع إجراء تغييرات أساسية، والتي تشمل:
- إنشاء قاعة صلاة جديدة.
- إضافة مئذنة قائمة بذاتها على الطراز المغربي الأندلسي (لم تكن موجودة في التصميم الأصلي للمسجد).
- تصميم ساحتين محاطتين بالهيكل الرئيسي للمسجد.
- إضافة فناء ضيق أمام المدخل المواجه للمدينة.