الأساليب الإنشائية الأكثر استخداماً في الطلبات

تعريف الأساليب الإنشائية الطلبية

تعتبر الأساليب الإنشائية فرعاً من فروع علم المعاني، حيث إنها تُعبر عن الألفاظ التي لا تحتمل الصدق أو الكذب، وذلك لأن الغرض منها ليس الإخبار عن شيء محدد كما هو الحال في الأسلوب الخبري. تنقسم هذه الأساليب إلى قسمين: الإنشاء الطلبي والإنشاء غير الطلبي. أما الإنشاء الطلبي، فهو ذلك الذي يستدعي وجود طلب معين، وهذا الطلب لم يكن موجوداً قبل أن يقوم المتحدث بطرحه، مثل قولنا “اصبروا وصابروا”، حيث أن الصبر هنا يكون مطلوباً لأنه غير متحقق قبل الطلب. يُقسم الإنشاء الطلبي إلى خمسة أنواع: الأمر، النهي، الاستفهام، النداء، والتمني.

الأساليب الإنشائية الطلبية

الأمر

يُعبر أسلوب الأمر عن طلب إلزامي يتمثل في القيام بفعل ما، ومن الأمثلة على ذلك:

  • {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}.
  • {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّييهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

تُعتبر هذه الأمثلة أمراً إلزامياً، فالأمر هنا صادر من الله سبحانه وتعالى إلى عباده، وقد تظهر بعض المعاني المجازية للأمر، منها:

الدعاء

في هذه الحالة يكون الأمر تعبيراً عن الاستغاثة، والتضرع، وليست بمظهر من مظاهر الاستعلاء، كما في قول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

الالتماس

في هذا السياق، يكون الأمر موجهًا لشخص في مستوى مماثل للذي يقوم بالطلب، كمثال قول امرئ القيس:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

التمني

يعبر أسلوب التمني عن شيء يُراد حدوثه ولكنه مستحيل، وغالباً ما يتم توجيه الطلب هنا لأشياء غير حية، كما في قول امرئ القيس:

أَلا أَيُّها اللَّيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ

النصح والإرشاد

في هذا النوع من الأسلوب، يكون الأمر بغرض تقديم النصيحة، وليس بالإلزام، كما في الجملة: “يا بني احرص على مصادقة الأخيار”.

التعجيز

هنا، يُستخدم الأمر لإظهار عجز المخاطب عن القيام بالفعل، كمثال لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادقِينَ}.

أسلوب النهي

أسلوب النهي يُعبر عن الطلب بالتوقف عن القيام بفعل معين بطريقة إلزامية، كما يتضح في قوله تعالى: {وَقَالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}.

حالات خروج النهي إلى معانٍ أخرى

يمكن أن يتجاوز النهي بعض السياقات ليُعبر عن معانٍ أخرى، من بينها:

  • الدعاء: هنا يكون النهي عبارة عن طلب من الأسفل إلى الأعلى، مثل: {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.
  • الالتماس: يكون النهي صادرًا بين شخصين في منزلة متساوية، مثل قوله تعالى على لسان هارون لموسى: {قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}.
  • التمني: يُستخدم النهي من أجل تصوير شيء مستحيل، مثل: “يا طيرُ أخبرنا بأحوال أوطاننا”.
  • أسلوب الاستفهام: يُعبر عن الحاجة إلى المعرفة عن شيء معين يتم تحقيقه من خلال السؤال باستخدام أدوات الاستفهام، ومن الأمثلة: “هل ستزورنا اليوم؟” و”أفاز فريقنا اليوم؟”.

حالات خروج الاستفهام إلى معانٍ أخرى

يمكن أن يمتد الاستفهام ليُعبر عن معانٍ أخرى، مثل:

  • النفي: يُستخدم الاستفهام هنا لنفي شيء، بدون الحاجة إلى معرفة حالة معينة، كما في قوله تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ}.
  • التعجب: يتضمن الاستفهام هنا التعجب من حالة معينة، كما في قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ}.
  • أسلوب التمني: يُستخدم لطلب حدوث شيء مستحيل، والكلمة الرئيسية المستخدمة هي “ليت”، كما في قولنا “ليت اليوم يمضي سريعًا”، وقد يتحول التمني إلى معنى بلاغي وهو الترجي باستخدام “لعل”، مثل قولنا “لعلّي أطير بعيدًا”.
  • أسلوب النداء: يُستخدم لطلب قيام المخاطب بفعل شيء ما، بواسطة أحد أدوات النداء مثل “يا”، كما في “يا محمد تمهل”، ويمكن أن يكسب النداء معانٍ أخرى مثل:
  • الإغراء: مثال لذلك قول أبي الطيب المتنبي مخاطبًا سيف الدولة:
    “يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ”.
  • التحسر: كما في قولنا “يا شبابي الذي ذهب شقاءً”.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *