لا شك أن الإسلام هو دين السلام والمحبة، وهذا يتجلى في التحية الخاصة التي أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فقد جاء في تعاليمه الكريمة أن يشيع المسلمون السلام، وأن ينطقوا بتلك التحية المباركة، حيث أن السلام يعتبر أحد أسماء الله الحسنى، وله معانٍ وفضائل كثيرة في ديننا الإسلامي.
التحية الصحيحة في الإسلام
تجسد التحية الصحيحة في الإسلام كما أوضحها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ ينبغي على المسلم أن يبدأ بتحية “السلام عليكم”، وإن أضاف “ورحمة الله” فهو محط أجر وثواب، وإذا زاد “وبركاته” فإن التحية تصبح كاملة: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
كما يُستحسن على المسلم أن يرد التحية المماثلة بقوله: “وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته”، وهذا يعتبر أفضل من أي رد آخر، كما جاء في القرآن الكريم: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا). وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
السلام كتحية في الإسلام
تعتبر التحية بالسلام تجسيدًا لمفهوم الإسلام، حيث أن السلام يشكل رسالة إيجابية ليس فقط من خلال النطق ولكن أيضًا كفعل، إذ يجسد دعوة لإحلال السلام بين المجتمعات والأديان والأفراد، وينبغي تجنب التشدد والعبوس في التعامل مع الآخرين.
أكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن المبادرة بإلقاء السلام تُعتبر من الأعمال التي تحمل فضلًا وأجرًا عظيمًا عند الله تعالى. وإذا رأى المسلم أخاه المسلم، يجب أن يبدأ بتحية “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”، وهي من التوصيات التي أرشدنا إليها نبينا الكريم.
كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نقوم بإلقاء السلام على كل من نعرفه أو لا نعرفه، فأي لقاء يستحق التحية، وليس من الضروري أن تكون بين الأصحاب فقط بل تشمل المجتمع بأسره، محذرًا في الوقت ذاته من بدء التعامل مع غير المسلمين بالسلام.
وقد اختار الله تعالى هذه التحية لتكون أيضًا تحية الجنة لما تحمله من معاني سامية، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله في هذا السياق وما تحمله من فضائل كبيرة.
أحكام التحية في الإسلام
لا شك أن التحية في المجتمعات من العادات الراسخة منذ زمن بعيد، وتختلف من ثقافة لأخرى، حيث تتميز كل دولة بتقاليدها في إلقاء التحية والرد عليها.
في البلدان غير الإسلامية، تتمثل التحية في تعبيرات مثل “صباح الخير” أو “مساء الخير” أو أي عبارات تعبر عن الود والتفاؤل، وتختلف باختلاف اللغات والعادات الثقافية.
تعتبر تحية السلام من أقدم التحيات، حيث بدأ بها سيدنا آدم عليه السلام، عندما أمره الله أن يذهب ويسلم على الملائكة. ومن هنا، أصبح السلام تحية أساسية للبشر وذريتهم، وأيضًا تحية أهل الجنة. وفي القرآن الكريم، وردت آيات تشير إلى أن الملائكة سلمت على سيدنا إبراهيم عليه السلام.
كما جاء في القرآن الكريم: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ)، وأيضًا (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار).
وتتضمن أحكام السلام إلقاء التحية على المسلم بقوله: “السلام عليكم”، ويمكن إضافة “ورحمة الله” أو “وبركاته”، ويتوجب على المسلم الرد بالمثل دون أي نقصان.
استثناءات حول إلقاء السلام
هناك بعض الظروف الاستثنائية التي لا يُفضل فيها إلقاء السلام، ومنها:
- لا يُستحب إلقاء السلام في حال كون المسلم مشغولًا في قضاء حاجة أو في الحمام، حيث يُعتبر إلقاء السلام هناك غير ملائم، وإذا ألقي السلام ولم يُرد فإن الأمر ليس فيه إثما.
- لا يُلقى السلام على النائم.
- يُفضل عدم إلقاء السلام على من يصلي، ولا يُلقى على المؤذن أثناء الأذان، ولكن يمكن رد السلام على المشغول بالصلاة بعد انتهائها.
- لا يُستحب إلقاء السلام على من في فمه الطعام، حيث يُعتبر غير لائق.
- التحية خلال خطبة الجمعة تُعتبر مكروهة، إذ يجب على المصلين الاستماع للخطبة والتركيز عليها.
- يُفضل عدم إلقاء السلام على من يقرأ القرآن.
- إذا شعر المسلم بالافتتان، يُفضل عدم إلقاء السلام على امرأة أجنبية، وعند إلقاء السلام عليها وإذا لم ترد فلا يُعتبر عليه إثم.
- لا يُلقى السلام على غير المسلم أو الفاسق الذي يقوم بمعصية.
حكم تحية غير السلام
لا يجوز في الإسلام بدء التحية بعبارة غير “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
كما لا يُقبل الرد بعبارة غير “وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته”.
يمكن بعد هذه التحية استخدام أي تعبير آخر مثل “صباح الخير” أو “كيف حالكم”، دون أن يتعارض ذلك مع التحية الصحيحة.
لكن الأهم هو الالتزام بتحية الإسلام كما أوضحها النبي مع أصحابه وأهله، حيث أشار إلى أن من ألقى السلام له أجر عظيم، وأيضًا من رد السلام.
كيفية تعليم الأطفال التحية
في مرحلة الطفولة، يتلقى الطفل التعليم بطريقة سهلة وبسيطة، مما يجعل المفاهيم عالقة في ذهنه.
لذا، يتعين علينا كآباء أن نحرص على تعليم أطفالنا مبادئ الإسلام الصحيحة، بما في ذلك أهمية إفشاء السلام وفضله.
يمكن تحقيق ذلك من خلال التدريب العملي، حيث يتعلم الطفل ما يراه من والديه في المنزل أو في المدرسة.
يجب على الأب أن يحيي أسرته بتحية الإسلام: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”، وتعويد الأطفال على الرد بالمثل.
كما ينبغي على المعلمين إلقاء التحية على الطلاب عند دخولهم الفصل الدراسي، قائلين: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”، وتعليمهم كيفية الرد بالتحية.
يجب أيضًا تعليم الأطفال آداب التحية، مثل:
- أن تكون التحية مسموعة وواضحة، حتى تصل للذِكر المستهدف.
- تكون الردود على التحية بطريفة واضحة ومسموعة.
- يبدأ الراكب بالتحية للماشي، والماشي للقاعد، والصغير للكبير، والعكس.
- يجب إلقاء التحية عند دخول المجلس ومع الخروج.
- يُحبذ السلام عند دخول المسجد وعند الخروج منه.
- عندما ندخل بيوتنا دون وجود أحد، يجب علينا إلقاء السلام على الملائكة في المنزل.
- يجب إلقاء السلام عند مفارقة شخص أثناء السفر أو عند مغادرة المنزل لذويهم.