اتفاقية بكين لحقوق المرأة
في عام 1995، نظمت الأمم المتحدة المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين، وذلك خلال الفترة من الرابع إلى الثالث عشر من سبتمبر. تناول المؤتمر مجموعة من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة، وتمحور حول مفاهيم المساواة، والتنمية، والسلام. وأنتج عن المؤتمر تبني “منهاج عمل بكين”، وهو منهج يتضمن توصيات تهدف إلى تحقيق آثار إيجابية على النساء في كافة أنحاء العالم. وتؤكد الرسالة المركزية لهذا المؤتمر أن حقوق المرأة تشكل جزءاً أساسياً من حقوق الإنسان الشاملة. وقد شهد المؤتمر مشاركة أكثر من 17 ألف شخص، منهم 6 آلاف مندوب حكومي و4 آلاف ممثل للمنظمات غير الحكومية، إلى جانب موظفين دوليين وإعلاميين.
لا يُعتبر مؤتمر بكين الأول من نوعه في بحث قضايا المرأة، حيث تم تنظيم المؤتمر الأول في المكسيك عام 1975، تلاه المؤتمر الثاني في كوبنهاجن عام 1980، والثالث في نيروبي عام 1985. لكن ما يميز مؤتمر بكين هو أنه الأول الذي يتناول القضايا المتعلقة بدور المرأة في التنمية ويربطها بحقوقها، بالإضافة إلى صدور أول اتفاق سياسي عالمي يتضمن منهج عمل مستهدف للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء.
أهمية قضايا اتفاقية بكين لحقوق المرأة
تناولت اتفاقية بكين لحقوق المرأة مجموعة من القضايا المحورية، من بينها ضرورة مراعاة مصلحة المرأة عند اتخاذ القرارات السياسية والاستراتيجية. يتطلب ذلك تقييم تأثير هذه القرارات على النساء ودورهن في المجتمع، لذا يجب إشراك النساء في عملية صنع القرار وتمثيلهن في مؤسسات الدولة. كما ناقشت الاتفاقية آثار الفقر على النساء في مختلف أنحاء العالم، حيث تشكل النساء 60% على الأقل من بين مليار فقير في المناطق الريفية. وارتبطت زيادة نسبة الفقر بالديون الخارجية والسياسات الاقتصادية التي تتبعها بعض الدول، مما يلحق الضرر بالقطاعات الأضعف في المجتمع، التي تشمل نسبة كبيرة من النساء.
ركزت اتفاقية بكين على أهمية حقوق النساء ومراعاة حقوقهن في الحياة، كما اهتمت بتحديد العوامل المؤثرة على وعي وهوية الفتيات، وكيف تؤثر الأدوار التقليدية الموزعة بين الجنسين على حقوقهن. وأوضحت الاتفاقية أن حقوق المرأة تتأثر باختلاف المجتمع والثقافة التي تنتمي إليها، حيث يمكن أن تكون بعض الحقوق متاحة في مجتمع معين وغير متاحة في مجتمع آخر.
محاور اتفاقية بكين لحقوق المرأة
تمت صياغة اتفاقية بكين لحقوق المرأة لتؤكد على عدة قضايا رئيسية، منها:
- تمكين المرأة وإشراكها في جميع جوانب الحياة المجتمعية، بما في ذلك الوصول إلى مناصب القيادة والمشاركة في عملية صنع القرار، مما يسهم في تحقيق التنمية المجتمعية.
- تعزيز النساء، وخاصة في مجالات القيادة، للمساهمة في حل النزاعات وتحقيق السلام على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية.
- ضرورة إشراك النساء والجمعيات النسائية في المجتمع المدني لتطبيق ومتابعة “منهاج عمل بكين” بفاعلية، مع الحفاظ على استقلاليتهن.
- تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء، وإشراك النساء في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، مما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والقضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
قرارات اتفاقية بكين لحقوق المرأة
صدرت مجموعة من القرارات عن اتفاقية بكين، ومن أبرزها:
- الاعتراف الكامل بحق المرأة في السيطرة على صحتها.
- منع جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات.
- تعزيز الاستقلال الاقتصادي للنساء وتوفير فرص عمل متكافئة، مع معالجة أسباب الفقر المتزايد، وضمان وصول جميع النساء، بما فيهن نساء المناطق الريفية، إلى الموارد الإنتاجية والخدمات.
- تأكيد حق المرأة والفتاة في التمتع بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، واتخاذ إجراءات فعّالة عند انتهاك هذه الحقوق.
- تعزيز التنمية البشرية المستدامة، خاصة تلك المتعلقة بالنمو الاقتصادي، من خلال محو الأمية وتوفير التدريب والرعاية الصحية وتقديم التعليم الأساسي والمستمر للفتيات.
- مجابهة العقبات التي تحول دون تمكين النساء ونيل حقوقهن الإنسانية، والتي قد تنجم عن عوامل متعددة مثل الأصل العرقي، أو العمر، أو الثقافة، أو الدين.
ما بعد اتفاقية بكين لحقوق المرأة
تعقد الأمم المتحدة جلسات دورية كل خمس سنوات لمراجعة تطبيق بنود اتفاقية بكين. وفيما يلي توضيح لسلسلة هذه المراجعات:
- عام 2000: بعد مرور خمس سنوات على اتفاقية بكين، أجرت الجمعية العامة جلسة في نيويورك لتقييم تطبيق المنهاج، وتوصلت إلى إعلان سياسي يطرح مزيد من الإجراءات والمبادرات لتنفيذ الالتزامات المرتبطة بالاتفاقية.
- عام 2005: تم تقييم مدى تطبيق اتفاقية بكين بعد مرور عشر سنوات، حيث أكدت اللجنة المعنية بوضع المرأة أهمية التنفيذ الكامل والفعال لمنهاج العمل لتحقيق الأهداف التنموية العالمية.
- عام 2010: أجرت اللجنة المعنية جلسة لتقييم تطبيق الاتفاقية بعد 15 عاماً، وأعلنت عن تقدم ملحوظ نحو تحقيق الأهداف، مع التزام اللجنة بمواصلة اتخاذ الإجراءات اللازمة.
- عام 2015: قامت اللجنة بمراجعة تطبيق الاتفاقية بعد 20 عامًا، وطرحت فرصاً لتحقيق المساواة وتمكين المرأة في التنمية لما بعد 2015م، مع إصدار إعلان سياسي يؤكد على التقدم المحرز.
- عام 2020: تمت مراجعة نتائج اتفاقية بكين بعد مرور 25 عاماً على صدورها.
لمزيد من المعلومات حول حقوق المرأة، يمكنك قراءة المقال “ما هي حقوق المرأة”.