إعراب أسلوب الاستثناء
في كثير من الأحيان، نستخدم أساليب لغوية محددة خلال حديثنا مع الآخرين تعبر عن معاني معينة، مما يتطلب بناء جمل تعتمد على عناصر أساسية تشكل هيكل الجملة، ومنها أسلوب التعجب، وأسلوب المدح والذم، وأسلوب النداء، وأخيرًا أسلوب الاستثناء، الذي سنناقشه في هذا المقال. يُعتبر أسلوب الاستثناء تعبيرًا يعبر عن استبعاد أحد العناصر من قاعدة أو حكم معين. على سبيل المثال، عندما نقول: “حضر الطلبة المسرحية إلا خالدًا”، فهذا يعني أن جميع الطلبة قد حضروا، ولكن خالدًا لم يحضر لأي سبب كان. كما يمكن أن نقول: “قلمتُ الأشجار في حديقتي إلا شجرة الورد”، حيث تشير الجملة إلى قيام المتحدث بقص الأشجار ما عدا شجرة الورد، التي استثناها من الحكم.
عناصر جملة الاستثناء
تستخدم جملة الاستثناء لإخراج اسم من حكم اسم آخر تم ذكره مسبقًا. لذا، يعتبر الاستثناء من القواعد النحوية الأكثر أهمية، حيث يوضح المعاني ويضبط الكلام. تتكون جملة الاستثناء من ثلاثة عناصر رئيسية هي:
- المستثنى منه: وهو الجزء من الجملة الذي ينتمي إليه المستثنى، ويأتي قبل أداة الاستثناء، كما في المثال: “رأيت المعلمين في الطابور إلا معلم التربية الفنية”، حيث المعلم هو المستثنى منه.
- أدوات الاستثناء: وهي قد تكون حروفًا، أو أسماء، أو أفعال، ولا يمكن وجود الاستثناء بدون استخدامها.
- المستثنى: وهو الاسم الذي يأتي بعد أداة الاستثناء ويخرج عن الحكم الصادر على المستثنى منه، كما في: “نجح الطلاب إلا المهمل”.
أنواع الاستثناء
تختلف جمل الاستثناء في الصياغة والأسلوب، حيث يمكن أن يكون المستثنى منه حاضرًا أو غائبًا، وفي بعض الحالات يكون المستثنى غائبًا في حين يظهر في حالات أخرى. هناك العديد من أشكال جملة الاستثناء، والتي يمكن تلخيصها كما يلي:
- جملة الاستثناء التامة الموجبة: حيث تكون الخلاصة واضحة بدون نفي أو نهي أو استفهام، كما في المثال: “أحببت أبيات القصيدة إلا بيتين”، إذ يظهر المستثنى هنا بوضوح.
جملة الاستثناء التامة المنفية: تضم نفيًا أو نهيًا أو استفهامًا، لكنها تظل تامة، مثل: “ما سافر إلا محمدًا”، حيث تبين أن محمد هو المستثنى.
جملة الاستثناء المنقطع: حيث يختلف المستثنى عن نوع المستثنى منه، كما في قوله تعالى: “إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ”، حيث يتبين هنا الفرق بين إبليس والملائكة.
وعلى النقيض، يوجد الاستثناء المتصل، حيث ينتمي المستثنى إلى نفس جنس المستثنى منه مثل: “حضرت الناجحات إلا هندًا”.
الاستثناء الناقص أو المفرغ يكون عندما يختفي المستثنى منه، كما في: “ما ركب الطائرة إلا زيدٌ”، حيث تكون الجملة منفية ولا يوجد مستثنى منه.
أدوات الاستثناء
تتباين أدوات الاستثناء بين حروف، وأسماء، وأفعال، وبالتالي يختلف الإعراب حسب نوع الأداة المستخدمة. ويجب التمييز بين هذه الأدوات كما يلي:
- الحروف: مثل (إلا، عدا، خلا، حاشا، إذا خلت من ما المصدرية).
- الأسماء: مثل (غير، سوى).
- الأفعال: مثل (عدا، خلا، حاشا) بشرط أن تسبق بما المصدرية.
إعراب أسلوب الاستثناء
يتوقف إعراب جملة الاستثناء على الأداة المستخدمة ونوع الجملة كما يلي:
الإعراب باستخدام “إلا”
- إذا كانت أداة الاستثناء هي حرف “إلا”، فإننا نحدد نوع الجملة: إذا كانت تامة وموجبة، يتم نصب المستثنى سواء كان متصلًا بالمستثنى منه أو منقطعًا عنه.
على سبيل المثال: “حضر الطلاب إلا محمدًا”.
حضر: فعل ماضٍ مبني على الفتح.
الطلاب: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
إلا: حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
محمدًا: مستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- إذا كانت الجملة تامة وغير موجبة، يمكن أن يكون إعرابها بنحوين: الأول نصب على الاستثناء، والثاني اعتباره بدلًا من المستثنى منه.
- إذا كان الاستثناء باستخدام “إلا” منقطعًا، فإن حكم المستثنى هو النصب دائماً.
- عند استخدام “إلا” في الاستثناء المفرغ أو الناقص، يتم حذفها ويعتبرها أداة حصر لا محل لها من الإعراب، مع إعراب المستثنى وفقًا لموقعه بالجملة، كما في: “ما جاء إلا زيدٌ”، حيث نلغي عمل “إلا” ونعتبر زيدٌ فاعل مرفوع.
إعراب باستخدام الأسماء (غير، سوى)
الآثار اللغوية باستخدام الأسماء تختلف عن الأدوات الأخرى، حيث يُعتبر ما يليه مضافًا إليه. مثال ذلك:
قرأت الكتاب غيرَ بابين، فتُعرب “غير” مستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة، و”بابين” مضاف إليه.
إعراب المستثنى بالأفعال (ما خلا، ما عدا)
الكلمات “خلا” و”عدا” تعرب كأفعال سواء سبقت بما المصدرية أو لا، وعند عدم وجودها يمكن أن تُعرب كحروف جر وما بعدها مجرور بها. مثلاً: “تعيش الأسماك في البحار عدا البحرَ الميت”، حيث نعرب “عدا” فعل ماضٍ مبني على الفتح وفاعل مستتر تقديره “هو”.
كما تُعتبر “حاشا” من أدوات الاستثناء، ولكن لا يُدخل عليها ما المصدرية، إذ تعرب حرف جر وما بعدها اسم مجرور.