التفسير الشرعي لظاهرة التفاؤل والتشاؤم

الحكم الشرعي للتطيُّر

اتفق الفقهاء على أن التطيُّر بكافة أشكاله مُحرم. ويشير التطيُّر إلى التشاؤم من أمور معينة، مثل الأرقام، التواريخ، أو رؤية حيوان أو إنسان، مع الاعتقاد بأن هذه الظواهر قد تجلب له الضرر. وأصل الكلمة مرتبط بالطير؛ إذ كانت العرب في الجاهلية تتشاءم من طير تراه تطير في اتجاه معين، مما يؤدي بهم إلى العدول عن اتخاذ قرارات مثل السفر أو الزواج.

إن هذا السلوك محرم ومرغوب فيه لأنه يتسبب في خلل في العقيدة لدى المتطيِّر. كان هذا الأمر من الممارسات الجاهلية التي اعتقد العرب بتأثيرها، وكأنهم يسعون لدفع مقدرات الله المكتوبة عليهم، محاولين تجنب الأذى من غير الله تعالى.

لذا، فإن الشخص الذي يمتنع عن القيام بفعل معين بسبب تشاؤم قد يشعر بأنه قد وقع في شرك، حيث إنه قد تخلى عن التوكل على الله وفتح لنفسه باباً من الخوف والتعلق بغير الله.

الأدلة القرآنية على تحريم التطيُّر

توجد عدة أدلة في القرآن الكريم تحذر من التطيُّر، ومن يقرأ الآيات يجد أن ذكر التطيُّر جاء دائماً بصورة مذمومة أو على لسان المشركين. ومن الآيات التي تشير إلى ذلك ما يلي:

  • قال الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللهُ وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ). حيث كان القوم عندما يصيبهم الخير يقولون إنهم يستحقونه، لكن في حال أصابهم البلاء، يتشاءمون من موسى ومن كان معه، في حين أن ما أصابهم كان قضاءً من الله.
  • وقال تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ). إذ كانوا يتشاءمون من النبي صالح ومن يتبعه بسبب القحط الذي حل بهم، فأكد لهم أن ما أصابهم هو مقدر من الله وأنهم في امتحان بسبب ذنوبهم.

الأدلة النبوية على تحريم التطيُّر

وجاء في السنة النبوية العديد من الأدلة التي تحذر من التطيُّر، ومن أبرزها حديث: (لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ). حيث نفى هذا الحديث تأثير أربعة أمور كان الناس في الجاهلية يظنون أنها تجلب الشر، وهي جميعها من خرافات الجاهلية. تفصيلها كما يلي:

  • (لَا عَدْوَى)

أي عدم انتقال الأمراض من المرضى إلى الأصحاء. فالمقصود هنا أن العدوى ليست لها قوة ذاتية لإصابة الآخرين، بل تتبع مشيئة الله، فهو سبحانه يقرر ما يشاء.

  • (وَلَا طِيَرَةَ)

أي الاعتماد في اتخاذ القرارات على التشاؤم، كما هو الحال مع الطيور وغير ذلك من صور التشاؤم.

  • (وَلَا صَفَرَ)

أي تشاؤم العرب في الجاهلية من اللون الأصفر الذي يظهر على وجه المريض، معتقدين أنه ينذر بمرض في البطن.

  • (وَلَا هَامَةَ)

وهو نوع من الطيور يُعرف بالبومة، حيث كانوا يتشاءمون من رؤيتها إذا حطت على بيت، ويعتبرون ذلك دليلاً على قادم من البلاء.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *