الحب
يُعتبر الحب تجربة إنسانية غنية، حيث ترى في حياتك العديد من الأشخاص، لكن يظل قلبك متعلقًا بشخص واحد فقط. هو شعور عميق يجعلك تشعر بالألم عندما يواجه محبوبك الصعوبات، ويجعلك تسعى لتكون له الدعم والسند. يمثل الحب مشاعر الألفة والرحمة بين شخصين يجمعهما الود في السراء والضراء. قد نظم العديد من الشعراء قصائد تعبر عن الحب، وسنسلط الضوء على بعض منها في هذا المقال.
إلى حبيبتي في رأس السنة
يُعد الشاعر نزار قباني من أبرز شعراء العصر الحديث، ولقب بشاعر المرأة. في إحدى قصائده تحديدًا، يعبر عن مشاعره تجاه محبوبته بهذا الشكل:
أنقل حبي لك من عام إلى عام،
كما ينقل التلميذ فروضه المدرسية إلى دفاتر جديدة.
أقود معي صوتك ورائحتك ورسائلك،
ورقم هاتفك وصندوق بريدك،
وأعلقهم في خزانة العام الجديد،
وأمنحك تذكرة إقامة دائمة في قلبي.
إنني أحبك،
ولن أتركك وحدك في ورقة 31 ديسمبر أبداً،
سأحملك على ذراعي،
وأتنقل بك بين الفصول الأربعة.
ففي الشتاء سأضع على رأسك قبعة صوف حمراء،
كي لا تبردي،
وفي الخريف سأعطيك معطف المطر الوحيد،
الذي أمتلكه،
كي لا تتبللي.
وفي الربيع،
سأتركك تنامين على الحشائش الطازجة،
وتتناولين طعام الإفطار،
مع الجنادب والعصافير.
وفي الصيف،
سأشتري لك شبكة صيد صغيرة،
لتصطادي المحار،
وط birds البحر،
و الأسماك المجهولة العناوين.
إنني أحبك،
ولا أريد أن أربطك بذاكرة الأحداث الماضية،
ولا بذاكرة القطارات المسافرة.
فأنت القطار الأخير الذي يسافر ليلاً ونهاراً،
على شرايين يدي.
أنت قطاري الأخير،
وأنا محطتك الأخيرة.
إنني أحبك،
ولا أريد أن أربطك بالماء أو الرياح،
أو بالتقويم الميلادي أو الهجري،
ولا بحركات المد والجزر،
أو ساعات الخسوف والكسوف.
لا يهمني ما تقوله المراصد،
وخطوط فناجين القهوة،
فعيونك وحدهما هما النبوءة،
والمسؤولة عن فرح هذا العالم.
أحبك،
وأحب أن أربطك بزمني وبطقسي،
وأجعلك نجمةً في مداري.
أريدك أن تأخذي شكل الكلمة،
ومساحة الورقة،
حتى إذا نشرت كتاباً وقرأه الناس،
عثروا عليك كالوردة داخله.
أريدك أن تأخذي شكل فمي،
حتى إذا تكلمت،
وجدك الناس تستحمين في صوتي.
أريدك أن تأخذي شكل يدي،
حتى إذا وضعتها على الطاولة،
وجدك الناس نائمة في جوفها،
كفراشة في يد طفل.
إنني لا أحترف طقوس التهنئة،
بل أحترف العشق،
وأحترفك.
وأما أنا،
فأحمل الشوارع والأرصفة المغسولة بالمطر،
على ظهري وأبحث عنك.
لماذا تتآمرين علي مع المطر، ما دمت تعرفين،
أن كل تاريخي معك مقترن بسقوطه؟
وأن الحساسية الوحيدة التي تصيبني،
هي حساسية المطر؟
لماذا تتآمرين علي، ما دمت تعرفين،
أن الكتاب الوحيد الذي أقرؤه بعدك،
هو كتاب المطر.
إنني أحبك،
هذه هي المهنة الوحيدة التي أتقنها،
ويحسدني عليها أصدقائي وأعدائي.
قبلك كانت الشمس والجبال والغابات،
في حالة بطالة،
واللغة بحالة بطالة، والعصافير بحالة بطالة.
فشكراً لأنك أدخلتني المدرسة،
وشكراً لأنك علمتني أبجدية العشق،
وشكراً لأنك قبلت أن تكوني حبيبتي.
النصيف
زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، كان شاعراً في العصر الجاهلي وتوفي في عام 604م. ومن أبرز قصائده الغزلية:
سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ
فتناولتهُ واتقتنا باليدِ.
بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ
عنم على اغصانه لم يعقدِ.
نظرَتْ إليك بحاجة لم تَقْضِها
نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العودِ.
قامتْ تراءى بينَ سجفيْ كلة
كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ.
أوْ دُرّةٍ صَدَفِيّةٍ غوّاصُها
بهجٌ متى يرها يهلّ ويسجدِ.
أو دُميَةٍ مِنْ مَرْمَرٍ، مرفوعة
مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ، مُتَسَرِّدِ.
لو أنها عرضتْ لأشمطَ راهب
عبدَ الإلهِ صرورةٍ متعبدِ.
لرنا لبهجتها وحسنِ حديثها
ولخالهُ رشداً وإنْ لم يرشدِ.
معلقة امرئ القيس
امرؤ القيس يُعتبر من أشهر شعراء العرب في العصر الجاهلي، ومن أبرز قصائده في الحب:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ.
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ.
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا
وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ.
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ.
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ
يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ.
وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ.
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا
وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ.
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا
نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ.
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي.
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ
وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ.
و يَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي
فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ.
فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا
وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّـلِ.
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ
فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي.
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً
عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ.
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ
ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّلِ.
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ
فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ.
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ
بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ.
و يَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ
عَلَيَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ.
أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ
وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي.
أغَـرَّكِ مِنِّي أنَّ حُبَّكِ قَاتِلِـي
وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَل.
وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ
فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ.
وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي
بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ.
وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَا
تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ.
تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً
عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي.
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ
تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّلِ.
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا
لَـدَى الستر إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ.
فَقَالتْ يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ
وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِي.
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا
عَلَى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ.
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى
بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ.
هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَتْ
عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ.
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ
تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ.
كَبِكْرِ المُقَانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ
غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّلِ.
تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي
بِـنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ.
وجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ
إِذَا هِـيَ نَصَّتْهُ وَلاَ بِمُعَطَّلِ.
و فَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِمٍ
أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ.
غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُلاَ
تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَـلِ.
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّرٍ
وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ.
وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا
نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ.
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّهُ
أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِلِ.
تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَهَا
مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ.
إِلَى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً
إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ.
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَا
ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَلِ.
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُه
نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ.
أريد سلوكم والقلب يأبى
كان أحمد شوقي شاعراً وكاتباً مصرياً، عُرف بلقب أمير الشعراء. وُلِدَ عام 1868م وتوفي عام 1932م. ومن أجمل قصائده التي تتناول الحب والغزل:
أَريدُ سُلوَّكم والقلبُ يأْبَى،
وعتبكُم وملءُ النفس عُتْبى.
وأَهجركم فيهجرني رُقادي،
ويُضوِيني الظلامُ أَسًى وكرْبا.
واذكركم برؤيةِ كلِّ حُسْنٍ،
فيصبو ناظري والقلب أصبى.
وأَشكو من عذابي في هواكم،
وأَجزيكم عن التعذيبِ حُبّا.
وأَعلمُ أَن دَأْبكُمُ جَفَائي،
فما بالي جعلتُ الحبَّ دأْبا.
ورُبَّ مُعاتِبٍ كالعيش، يشكى،
وملءُ النفس منه هَوًى وعُتْبى.
أتَجزيني عن الزُّلْفَى نِفاراً،
عَتَبَتكَ بالهوى وكفاك عَتبا.
فكلّ ملاحةٍ في الناس ذنبٌ،
إذا عُدّ النِّفارُ عليكَ ذنبا.
أخذتُ هواك عن عيني وقلبي،
فعيني قد دَعَتْ والقلبُ لَبّى.
وأَنتَ من المحاسن في مِثال،
فديتكَ قالَباً فيه وقَلْبا.
أُحِبُّكَ حين تثني الجيدَ تِيهاً،
وأَخشى أَن يصيرَ التِّيهُ دَأْبا.
وقالت: في البديل رضاً وروحٌ،
لقد رُمتُ البديلَ، فرمتُ صَعبا.
وراجعتُ الرشادَ عَساي أَسلو،
فما بالي مع السُّلوانِ أَصْبى.
إذا ما الكأْسُ لم تُذْهِبْ همومي،
فقد تَبَّتْ يدُ الساقي وتَبّا.
على أَني أَعَفُّ من احتساها،
وأَكرمُ مِنْ عَذَارَى الدير شربا.
ولي نفسٌ أُورَيها فتزهو،
كزهر الورد نَدَّوْهُ فهبَّا.
قصائد عن حب قديم
محمود درويش، شاعر المقاومة الفلسطينية، يُعتبر من أشهر الشعراء الفلسطينيين الذين ارتبط شعرهم بالثورة والوطن. وُلِدَ عام 1942م، وتوفي عام 2008م. ومن أجمل قصائده في الحب:
على الأنقاض وردتُنا،
ووجهانا على الرملِ.
إذا مرّتْ رياحُ الصيفِ،
أشرعنا المناديلا،
على مهل على مهلِ.
وغبنا طيَّ أغنيتين كالأسرى،
نراوغ قطرة الطّل.
تعالي مرة في البال،
يا أُختاه.
إن أواخر الليلِ،
تعرّيني من الألوان والظلّ،
وتحميني من الذل.
وفي عينيك يا قمري القديم،
يشدُّني أصلي،
إلى إغفاءةٍ زرقاء،
تحت الشمس والنخلِ.
بعيداً عن دجى المنفى،
قريبا من حمى أهلي.
تشهّيتُ الطفوله فيكِ،
مذ طارت عصافيرُ الربيعِ.
تجرّدَ الشجرُ،
وصوتك كان يا ماكان،
يأتيني،
من الآبار أحياناً،
وأحياناً ينقِّطه لي المطر،
نقياً هكذا كالنارِ،
كالأشجار كالأشعار ينهمرُ.
تعالي،
كان في عينيك شيء أشتهيهِ،
وكنتُ أنتظرُ،
وشدّيني إلى زنديكِ،
شديني أسيراً،
منك يغتفُر.
تشهّيت الطفولة فيك،
مذ طارت،
عصافير الربيع،
تجرّد الشجرُ،
ونعبر في الطريق،
مكبَّلين،
كأننا أسرى.
يدي لم أدر أم يدُكِ،
احتست وجعاً،
من الأخرى،
ولم تطلق كعادتها،
بصدري أو بصدرك،
سروة الذكرى،
كأنّا عابرا دربٍ،
ككلّ الناس.
إن نظرا،
فلا شوقاً،
ولا ندماً،
ولا شزرا،
ونغطس في الزحام،
لنشتري أشياءنا الصغرى،
ولم نترك لليلتنا،
رماداً يذكر الجمر.
وشيء في شراييني،
يناديني،
لأشرب من يدك،
ترمّد الذكرى.
ترجّلَ مرةً كوكب،
وسار على أناملنا،
ولم يتعبْ.
وحين رشفتُ عن شفتيك،
ماء التوت،
أقبل عندها يشربْ.
وحين كتبتُ عن عينيك،
نقّط كل ما أكتب.
وشاركنا وسادتنا،
وقهوتنا،
وحين ذهبتِ،
لم يذهب.
لعلي صرت منسياً،
لديك،
كغيمة في الريح،
نازلة إلى المغربْ.
ولكني إذا حاولتُ،
أن أنساك،
حطّ على يدي كوكبْ.
لك المجدُ،
تجنّحَ في خيالي،
من صداك،
السجنُ والقيدُ،
أراك استندتُ،
إلى وسادٍ،
مهرةً تعدو.
أحسكِ في ليالي البرد،
شمساً،
في دمي تشدو،
أسميك الطفولة،
يشرئبّ أمامي النهدُ،
أسميكِ الربيع،
فتشمخ الأعشاب والوردُ.
أسميك السماء،
فتشمت الأمطار والرعدُ.
لك المجدُ،
فليس لفرحتي بتحيُّري،
حدُّ،
وليس لموعدي وعدُ.
لك المجدُ،
وأدركَنا المساءُ،
وكانت الشمسُ،
تسرّح شعرها في البحرْ.
وآخر قبلة ترسو،
على عينيّ مثل الجمرْ.
خذي مني الرياح،
وقّبليني،
لآخر مرة في العمر،
وأدركها الصباحُ،
وكانت الشمسُ،
تمشط شعرها في الشرقْ.
لها الحنّاء والعرسُ،
وتذكرة لقصر الرق،
خذي مني الأغاني،
واذكريني،
كلمح البرق،
وأدركني المساء،
وكانت الأجراس،
تدق لموكب المسبية الحسناء،
وقلبي بارد كالماس،
وأحلامي صناديقٌ على الميناء.
خذي مني الربيع،
وودّعيني.