ابن زهر الإشبيلي: عالم الطب والأدب في الحضارة الإسلامية

ابن زهر الإشبيلي

ابن زهر الإشبيلي، المعروف أيضاً باسم عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان أو أبو مروان، هو أحد الأطباء المسلمين البارزين في الأندلس، وتحديداً في إشبيلية. وُلد عام 1072م الموافق 465هـ، حيث عاشت عائلته في الأندلس منذ القرن العاشر وحتى بدايات القرن الثالث عشر الميلادي. تنتمي عائلته إلى عائلات الطب المرموقة، فقد كان والده أبو العلاء من الأطباء البارزين في مجاله، وكان جده طبيباً ماهراً أيضاً. في هذا المقال، سنستعرض بعض الجوانب المهمة من حياته.

حياة ابن زهر الإشبيلي

درس ابن زهر في بداية حياته الأدب وعلوم الشريعة والفقه، ثم انتقل لدراسة الطب على يد والده، وبعد ذلك سافر إلى الشرق لدراسة المزيد من العلوم الطبية. بعد عودته إلى الأندلس، عمل في مدينة دانية حيث اشتهر بسرعة بفضل مهاراته وكفاءته. فيما بعد، انتقل إلى إشبيلية، حيث مكث حتى وفاته.

انضم ابن زهر إلى دولة المرابطين وقدم خدماته مع والده في أواخر عهدهم، وعمل مع الأمراء هناك. تعرض لحادثة مؤلمة، إذ سُجن لمدة عشر سنوات في مدينة مراكش، إلا أنه بعد سقوط دولة المرابطين وتأسيس دولة الموحدين، استأنف عمله مع الأمير عبد المؤمن، حيث شغل منصب وزير وطبيب وكان محور اهتمامه ورعايته. استمر في خدمة الأمير حتى وفاته، ثم انتقل بعد ذلك إلى خدمة أبو يعقوب يوسف، ومن ثم ابنه عبدالله محمد الناصر.

موشح ابن زهر الإشبيلي

كان ابن زهر الإشبيلي متعطشاً لحب طفله، مما ألفه لكتابة العديد من الموشحات، ومن أبرزها:

ولي واحد مثل فرخ القطا

صغير تخلف قلبي لديه

نأت عنه داري فيا وحشتي

لذاك الشخيص وذاك الوجيه

تشوقني وتشوقته

فيبكي علي وأبكى عليه

وقد تعب الشوق ما بيننا

فمنه إلي منّي إليه.

صفات ابن زهر الإشبيلي

تميز ابن زهر الإشبيلي بقوام معتدل وقوة جسدية، كما كان وجهه نضراً ولم يتغير مظهره حتى وفاته عام 1162م. كان أيضاً صديقاً وفياً وجرئاً في التعبير عن آرائه.

مكانة ابن زهر الإشبيلي العلمية

يعتبر كتاب “التيسير” لابن زهر الإشبيلي دليلاً على العلاقة الوثيقة بينه وبين ابن رشد، ويتناول مواضيع الطب ومفاهيمه المتنوعة. حقق الكتاب شهرة واسعة، مما دفع الأطباء لترجمته إلى عدة لغات. كما لا يزال كتابه “الاقتصاد” موجوداً حتى اليوم في المكتبة الوطنية بباريس، ويحتوي على عدد من المفاهيم الطبية القيمة.

مؤلفات ابن زهر الإشبيلي

من أبرز مؤلفاته: كتاب الأغذية، وكتاب التيسير في المساواة، ومقالة في علل الكلى، ورسالة في علتي البرص والبهاق.