الإسراء والمعراج: دروس وعبر. تُعتبر الإسراء والمعراج رحلة مميزة أمر الله تعالى بها النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وذلك بعد الأذى الذي تعرض له من أهل الطائف. سنستعرض في هذا البحث تفاصيل هذه الرحلة وأحداثها والدروس المستفادة منها.
مقدمة حول الإسراء والمعراج
تعد رحلة الإسراء والمعراج تجسيدًا خاصًا لتوجيه الله عز وجل للنبي محمد عليه الصلاة والسلام كتعويض له عن المعاناة التي عاشها على أيدي كفار قريش وأهالي الطائف. حيث انتقل النبي من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم عرج إلى السماوات العليا.
تعريف الإسراء والمعراج
كرّس النبي محمد عليه الصلاة والسلام جهوده في تبليغ الرسالة لمدة عشرة سنوات، رغم كافة المضايقات التي تعرض لها من قومه، الأمر الذي ألحق به الألم والحزن، لاسيما بعد فقد عمه أبو طالب الذي كان يتولى حمايته، وكذلك فقد زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، التي كانت تدعمه في أوقات حزنه.
بعد ذلك، انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، ولكن استقباله كان دون المتوقع، مما زاد من ألمه. وفي هذه الظروف الصعبة، أمره الله سبحانه وتعالى برحلة الإسراء والمعراج، التي تتمثل في السفر من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهو ما جعل هذه الرحلة تُعرف بالإسراء.
سبب تسمية الإسراء والمعراج
تُعرف المعراج بذلك لأنها تتضمن صعود النبي إلى السماوات العليا، وكانت بمثابة تعويض من الله تعالى للنبي عن المشاق التي تحملها خلال دعوته.
متى وقعت الإسراء والمعراج؟
تُعتبر الإسراء والمعراج إحدى المعجزات التي أثارت دهشة العديد من الكفار في زمانها، لكن تاريخ وقوعها كان موضوع جدل بين العلماء. فقد رجح بعضهم أنها حدثت ليلة الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول، بينما آخرون اعتبروا أنها وقعت في شهر ذي القعدة قبل الهجرة بستة عشر شهرًا، وبعضهم ربطها بشهر ربيع الأول قبل هجرة الرسول بعام، وآخرون اعتبروا أنها حدثت في السنة الثانية عشرة من النبوة، تحديدًا في شهر ربيع الأول.
أحداث رحلة الإسراء والمعراج
بدأت رحلة الإسراء والمعراج عندما كان النبي نائمًا في بيت أم هاني بنت أبي طالب، إذ زاره الملك جبريل عليه السلام، الذي شق صدره وأخرج قلبه ليملأه بالحكمة والإيمان. بعد ذلك، ظهرت دابة كبيرة تُسمى البراق، وكانت سريعة جدًا، حيث أن المسافة التي تقطعها في خطوة واحدة تعادل ما يُرى
هذه الدابة نقلت النبي صلى الله عليه وسلم مع الملك جبريل إلى القدس الشريف، حيث دخل الرسول المسجد الأقصى والتقى بجميع الأنبياء الذين سبقوه في الدعوة. وأمّ النبي صلى الله عليه وسلم الأئمة في الصلاة ركعتين، ثم خرج من المسجد وتبعه جبريل، الذي خيره بين كأسين، أحدهما يحتوي على خمر والآخر على لبن، فاختار النبي الكريم اللبن، فقال له جبريل: “اخترت الفطرة يا رسول الله”.
بداية رحلة السموات العليا
انطلق الرسول مع جبريل في رحلة المعراج، حيث صعدا إلى السماء الأولى واستأذنا للدخول، ليجدوا النبي آدم عليه السلام الذي رحب به. ثم انتقلوا إلى السماء الثانية ليجدوا النبي عيسى بن مريم عليه السلام، ومعه يحيى بن زكريا، حيث ألقى النبي السلام عليهما. وواصلوا إلى السماء الثالثة، التي كان فيها سيدنا يوسف عليه السلام، ثم إلى الرابعة حيث يوجد نبي الله إدريس عليه السلام.
استمروا في الصعود حتى وصلوا إلى السماء الخامسة، حيث وجدا نبي الله هارون عليه السلام. وفي السماء السادسة، كان النبي موسى عليه السلام، بينما في السماء السابعة كان النبي إبراهيم عليه السلام، جالسًا مستندًا إلى البيت المعمور، الذي يدخله سبعون ألف ملك يوميًا.
عند وصول النبي إلى سدرة المنتهى، وُكل إليه بتبليغ أمته بأن الله تعالى فرض عليهم خمسين صلاة في اليوم والليلة. عاد النبي ليخبر النبي موسى بما فُرض، وطلب منه العودة إلى ربه لطلب تخفيف العبء. جرت مفاوضات بين النبي الله عز وجل حتى تقرر في النهاية أن تكون الصلوات خمسًا فقط في اليوم والليلة.
الدروس والعبر المستفادة من الإسراء والمعراج
- تظهر رحلة الإسراء والمعراج قدرة الله عز وجل، حيث تم الانتقال من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم صعود السماوات في ليلة واحدة، مما أثار تساؤلات الكفار في ذلك الوقت.
- الإسراء والمعراج تمنح المؤمنين طمأنينة بأن الله يأمر بما فيه صلاحهم وخيرهم في الدنيا والآخرة، وهو مع المتوكلين.
- هذه الرحلة وثقت مكانة المسجد الأقصى في قلوب المسلمين، إذ صلى النبي بجميع الأنبياء هناك، مما يرسخ ارتباط هذا المسجد بالإسلام.
- وجود الأنبياء في السموات ولقاء النبي بهم يظهر توحيد الرسالة عبر كل الأنبياء ودعوتهم للإيمان بالله الواحد.
- اختيار النبي للبن بدلاً من الخمر دليل على ضرورة تحقيق التوازن بين الروح والجسد، وهو ما يميز الإسلام ليكون دينًا مرنًا وسهلًا للتعامل.
- وصول النبي إلى سدرة المنتهى يدل على تكريمه من قبل الله، حيث لم يسبق أي بشر أو نبي للوصول إليها.
خاتمة
في ختام هذا البحث حول الإسراء والمعراج، نعبر عن أملنا في أن يكون هذا العمل قد ساهم في تقديم معلومات شاملة حول هذه الرحلة العظيمة، التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، مستعرضين الأحداث والدروس المستفادة منها.