شهر رمضان هو أحد الأشهر العربية التي يمارس فيها المسلمون الصيام. وقد يرغب البعض في استكشاف كيفية تأثير رمضان قبل ظهور الإسلام، وما هي الأنشطة التي كان يمارسها العرب في ذلك الوقت. في هذا المقال، سنستعرض شهر رمضان قبل الإسلام وأثناءه، بالإضافة إلى أنماط عبادة الصوم في الأمم السابقة وفي الديانة البهائية.
عبادة الصوم لدى الأمم السابقة
قبل التطرق إلى شكل رمضان في العصور الجاهلية، يجب الإشارة إلى أن الصيام كان يُمارس من قِبل العديد من الأمم القديمة. إذ يعتبر نبي الله آدم عليه السلام أول من مارس الصيام في تاريخ البشرية، حيث كان يصوم الأيام البيض في منتصف كل شهر.
مساءً، قام النبي نوح عليه السلام بالصيام مع المؤمنين أثناء مغادرتهم الفلك، بينما صام النبي موسى عليه السلام لمدة أربعين يومًا. ووفقًا للتقاليد اليهودية، كان الصيام يُمارس بشكل مكثف خلال أوقات البلاء، كنوع من التوبة عن الذنوب.
وعلى نفس النسق، استمر الصيام لأربعين يومًا ضمن الديانة المسيحية، حيث يُعرف لديهم بصيام “الجمعة العظيمة”. ويمتنع المسيحيون خلال هذه الفترة عن تناول اللحوم ومنتجات الألبان، ويستمر الصيام لعدة أسابيع قبل الاحتفال بعيد القيامة.
كيف كان شكل رمضان قبل الإسلام
تزايد الاستفسار حول كيفية تأثير شهر رمضان قبل الإسلام من أجل الاطلاع على معلومات تاريخية ذات قيمة. فقد كان رمضان يعتبر من الأشهر الحرم والمقدسة لدى العرب.
أثناء الشهور الحرم، كان العرب يوقفون القتال والترحال. ويُعتقد أن جد النبي عبد المطلب كان يُعظم هذا الشهر، حيث كان يُكرّس وقته للعبادة من خلال الاعتكاف في غار حراء، بالإضافة إلى تقديم الصدقات للفقراء. ومن الجدير بالذكر أنه كان حنيفيًا موحدًا ولم يكن من المشركين.
ووفقًا لبعض المصادر التاريخية، فإن العرب الصابئة في مدينة حران كانوا أيضًا يُعظمون هذا الشهر، حيث بدأوا صيام رمضان من ظهور الهلال وانتهوا عند ظهور الهلال للشهر الجديد، مما يتشابه كثيرًا مع الصوم في الإسلام.
مراحل فرض الصيام في الإسلام
يُعتبر صيام شهر رمضان أحد الأركان الأساسية في الدين الإسلامي. وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان).
فُرض صوم رمضان على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، بعد تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة. وقد تمت مراحل فرض صيام رمضان كالتالي:
- قبل أن يُفرض صيام رمضان، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بصيام الأيام البيض ويوم عاشوراء، اقتداءً بكل من آدم وموسى عليهما السلام. وعندما أُمر بالصيام في رمضان، أصبحت صيام هذه الأيام من السنة المستحبة.
- بدأ فرض الصيام بتخيير المسلمين بين صوم أيامٍ معينة أو دفع الفدية، حيث قال الله تعالى: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).
- لاحقًا، أصبح واجبًا على المسلمين صيام الشهر بالكامل، مع ضرورة قضاء أي أيام تفطر فيها، وفقًا لما جاء في قوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
الصيام في البهائية
ظهرت البهائية، وهي واحدة من الديانات التوحيدية التي يُقال بأنها انشقت عن الإسلام، في أواخر القرن التاسع عشر في إيران على يد حسين علي النوري المعروف بـ”بهاء الله”.
يختلف مفهوم الصيام في البهائية بشكل كبير عن صيام رمضان في الإسلام، إذ تنقسم السنة في البهائية إلى 19 شهرًا، يتضمن كل شهر حوالي 19 يومًا. يتم صيام البهائيين خلال “شهر العلاء” الذي يبدأ في الثاني من مارس.
يمتد صيام البهائية لمدة 19 يومًا، وينتهي بالاحتفال بعيد النيروز، الذي يعتبر بداية السنة البهائية. يُشار إلى أن هناك خمسة أيام تُعرف باسم “أيام الهاء” قبل بدء شهر الصيام، يتم خلالها إقامة الولائم وتقديم الصدقات.
بذلك، نكون قد استعرضنا كيف كان رمضان قبل الإسلام، حيث تناولنا أولاً عبادة الصوم في الأمم السابقة، بالإضافة إلى تقديس العرب لهذا الشهر قبل الإسلام. كما أوضحنا مراحل فرض صوم رمضان في الإسلام، وتبع ذلك مسألة الصيام في البهائية، والذي يختلف كثيرًا عن المفهوم الإسلامي.