مقدمة حول سورة التوبة
- تُعتبر سورة التوبة واحدة من السور المدنية المتفق عليها. نزلت خلال السنة التاسعة للهجرة في الوقت الذي كان فيه المسلمون يقضون غزوة تبوك. تحتوي السورة على مائة وتسع وعشرين آية حسب العدد الكوفي، ومائة وثلاثين آية حسب العدد البصري. وهي السورة التاسعة في ترتيب المصحف، وتُعد آخر السور التي نزلت حسب إجماع العلماء، حيث تلي سورة الفتح.
- ومن أبرز ما يُميز سورة التوبة عن غيرها من سور القرآن الكريم هو عدم بدء السورة بالبسملة. يوضح عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- السبب في ذلك، حيث ذكر أنه سأل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي قال: “لأن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ أمان، وبراءة نزلت بالسيف ونبذ العهود، وليس فيها أمان.” كما أشار سفيان بن عيينة -رحمه الله- إلى نفس السبب، مُبرزاً أن السورة تكشف عن المنافقين الذين لا أمان لهم.
- جدير بالذكر أن الإمام القشيري -رحمه الله- قدم تأويلاً آخر، حيث ذكر أن جبريل -عليه السلام- لم ينزل بالتسمية في سورة التوبة، ولذلك لم يكتبها الصحابة -رضي الله عنهم-.
أسماء سورة التوبة ومعانيها
تحمل سورة التوبة هذا الاسم نظراً لمحتواها الذي يتناول توبة الله -تعالى- على ثلاث المؤمنين الذين تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلال غزوة تبوك. وقد كان السلف يسمونها بسورة براءة، حيث ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (فأذَّنَ معنَا عَلِيٌّ يَومَ النَّحْرِ في أهْلِ مِنًى ببَرَاءَةَ)، لما تفتتح به السورة بقول الله -تعالى-: (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ).
تجدر الإشارة إلى نقطتين هامتين: الأولى هي أن الأسماء الشائعة لهذه السورة هي: التوبة وبراءة. والثانية، أن سورة التوبة وسورة الفاتحة تُعتبران من أكثر سور القرآن الكريم التي تحمل أسماء متعددة، وفيما يلي توضيح لأسماء سورة التوبة:
الفاضحة
لأنها كشفت النقاب عن المنافقين وكشفت خباياهم، حيث ذكر عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: (التَّوْبَةُ هي الفَاضِحَةُ، ما زَالَتْ تَنْزِلُ: ومِنْهُمْ… ومِنْهُمْ… حتَّى ظَنُّوا أنَّهَا لَنْ تُبْقِيَ أحَدًا منهمْ إلَّا ذُكِرَ فِيهَا).
العذاب
لأنّ السورة تحتوي على تكرار ذِكر العذاب الذي سيلحق بالكفار عندما يكونون أسرى بيد المسلمين.
المقشقشة
تعني التبرئة، إذ تُعتبر هذه السورة تبرئةً من صفات النفاق، وكل من يبتعد عن الصفات التي ذكرتها السورة يُعتبر من المؤمنين.
المنقرة
تشير إلى البحث والكشف، إذ تفضح ما في قلوب المنافقين.
البَحوث
تأخذ صيغة مبالغة من “بحث”، حيث تبحث السورة عمّا في قلوب المنافقين وتظهر خباياهم.
الحافرة
لأنها حفرت وكشفت ما في قلوب المنافقين.
المثيرة
لأنها أثارت خبايا المنافقين وكشفت نواياهم من الخفاء إلى العلن.
المبعثرة
لأنها بعثرت أسرار المنافقين وأظهرتها للعالم.
المدمدمة
وهي تعني المهلكة، إذ تكشف المنافقين وتنقلب عليهم بنواياهم وأسرارهم.
المخزية
لأنها تعري المنافقين وتؤكد خزيهم، حيث قال الله -تعالى-: (وَأَنَّ اللَّـهَ مُخزِي الكافِرينَ).
المنكلة
تعني العقوبة التي ستلحق بالمنافقين.
المشردة
تشير إلى الطرد الذي يُلحق بالمنافقين وتفريق جمعهم.