نظرة عامة
مرض المياه الزرقاء، أو كما يُعرف طبيًا بمرض الزَّرَق، يُعد من الاضطرابات البصرية التي تؤثر بشكل رئيسي على العصب البصري، مما يؤدي إلى ضرر تدريجي يمكن أن يفضي إلى فقدان الأنسجة العصبية. يُعتبر العصب البصري بمثابة حزمة من حوالي مليون من الألياف العصبية، والتي تعمل على نقل الإشارات البصرية من العين إلى الدماغ. تجدر الإشارة إلى أن مرض الجلوكوما عادة ما يتطور بفعل ارتفاع الضغط داخل العين، ولكن يمكن أن يحدث أيضًا لدى الأشخاص ذوي الضغط العيني الطبيعي. عادةً ما يكون ارتفاع ضغط العين نتيجة لصعوبة تصريف الخلط المائي (Aqueous humour) الموجود داخل العين، مما يتسبب في تراكمه وزيادة الضغط. يُعتبر ارتفاع ضغط العين من أكثر عوامل الخطر شيوعًا المرتبطة بجلوكوما، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل: العمر (تجاوز الأربعين)، والأصل الأفريقي الأمريكي، والتعرض لإصابات سابقة في العين، وتاريخ عائلي من الجلوكوما، واستخدام أدوية الكورتيكوستيرويد.
عادة ما يؤثر مرض الجلوكوما على كلتا العينين، لكن إحدى العينين قد تتأثر بشكل أكبر. توجد أنواع متعددة من الجلوكوما، وأكثرها شيوعًا هما الجلوكوما مفتوحة الزاوية (Open-Angle) والجلوكوما مغلقة الزاوية (Angle-closure). وفقًا لدراسة نشرتها الأكاديمية الأمريكية لطب العيون في عام 2014، فإن نسبة الإصابة بالجلوكوما عالميًا تُقدّر بحوالي 3.54%، حيث تبلغ نسبة الجلوكوما مفتوحة الزاوية حوالي 3.05% والجلوكوما مغلقة الزاوية حوالي 0.50%. يجب التأكيد على أهمية التشخيص المبكر واتباع العلاجات الموصوفة من قبل الأطباء؛ حيث أن الالتزام بالخطة العلاجية يسهم في الحفاظ على الرؤية وتقليل مخاطر المضاعفات المحتملة.
أعراض المياه الزرقاء
تعتمد أعراض الجلوكوما على نوع المرض ومرحلة الإصابة. يتم تقسيم الجلوكوما إلى نوعين رئيسيين هما الأولية والثانوية، ويمكن تلخيص الأعراض كما يلي:
داء الزرق الأولي
يُعرف المصاب بالجلوكوما الأولية عندما لا يكون هناك سبب واضح للإصابة، ويندرج تحت هذا النوع الجلوكوما مفتوحة الزاوية، مغلقة الزاوية، طبيعي التوتر (Normal-tension)، والخُلقيّة (Congenital). وتتضمن الأعراض الخاصة بكل نوع ما يلي:
داء الزرق مفتوح الزاوية
ينتج عن انسداد قنوات التصريف في العين مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل العين وتضرر العصب البصري. في هذه الحالة، تكون الزاوية حيث تلتقي القزحية بالقرنية مفتوحة، ولا تكون هناك علامات واضحة تنذر بالإصابة في المراحل المبكرة. تتطور الأعراض ببطء، وقد لا يشعر الشخص بفقدان الرؤية لفترة طويلة. تتضح الأعراض بالتدريج بحصول فقدان للرؤية المحيطية، وفي المراحل المتقدمة يمكن أن يعاني المريض من رؤية النفق (Tunnel Vision).
داء الزرق مغلق الزاوية
يعتبر هذا النوع الأكثر شيوعًا في بعض سكان آسيا. قد تحدث نوبة مفاجئة أو تتطور بشكل بطيء. في حالات مغلقة الزاوية، تكون منطقة التصريف ضيقة، مما يؤدي إلى زيادة ضغط العين. تظهر الأعراض في حالتين: المزمنة والحادة:
- النوع المزمن: يتطور ببطء ويؤدي إلى تضرر العصب البصري دون ظهور أعراض واضحة.
- النوع الحاد: حالة طبية طارئة تستدعي علاجًا فوريًا، وتشمل العلامات والأعراض المتصلة:
- ألم في العين.
- غثيان وتقيؤ.
- تدهور مفاجئ في الرؤية، خاصة في الإضاءة الخافتة.
- زغللة العيون.
- رؤية هالات حول الأضواء.
- احمرار في العينين.
داء الزرق طبيعي التوتر
في هذا النوع، يبقى ضغط العين ضمن المدى الطبيعي على الرغم من وجود علامات تدل على الجلوكوما، مثل ظهور بقع في مجال الرؤية وتلف الأعصاب البصرية.
داء الزرق الخلقي
يعد داء الزرق الخلقي حالة نادرة تحدث عند ولادة الطفل أو تتطور لاحقًا، ويعود السبب إلى عدم تطور قنوات التصريف بشكل طبيعي. تشمل الأعراض المبكرة رؤية ضبابية، وتوسع العين، وزيادة إفراز الدموع، وعدم تحمل الضوء.
داء الزرق الثانوي
تشير الجلوكوما الثانوية إلى حالات ترتبط بمشاكل صحية أخرى، حيث ينتج ارتفاع ضغط العين بسبب عوامل معروفة مثل إصابة العين، أو التهاب، أو استخدام بعض الأدوية مثل الستيرويدات. يمكن أيضًا أن تتطور في الحالات المتقدمة من إعتام عدسة العين أو السكري. من الأنواع الشائعة للجلوكوما الثانوية: زرق الأوعية الدموية، والجلوكوما الصبغية، والجلوكوما المرتبطة بالتهاب العنبية. تعتمد الأعراض على كل نوع كما يلي:
زرق الأوعية الدموية
ينجم هذا النوع عن ظهور أوعية دموية جديدة على القزحية أو قنوات التصريف، مما يعوق تدفق السائل الطبيعي ويزيد ضغط العين. وغالبًا ما يرتبط بمرض السكري. تشمل الأعراض ألم العين، احمرارها، وفقدان الرؤية.
الجلوكوما الصبغية
تظهر عادة في المرحلة المبكرة أو المتوسطة من الرشد، وتحدث بسبب تراكم الخلايا الصبغية في قنوات التصريف. الأعراض تشمل زغللة العيون ورؤية حلقات ملونة حول الأضواء.
الحالات التي تستدعي مراجعة الطبيب
تتطلب مراجعة الطبيب أو مختص العيون عند ظهور أي مخاطر تتعلق بالرؤية. كما تمّ ذكره، فإن التشخيص والعلاج المبكرين ضروريان لحماية العين والحد من فقدان الرؤية. على الشخص مراجعة الطوارئ أو طبيب العيون فورًا إذا ظهرت عليه أعراض الجلوكوما المذكورة.
نصائح للحدّ من المياه الزرقاء
بينما لا يمكن منع الإصابة بالجلوكوما، إلا أن الرعاية الذاتية تلعب دورًا في الاكتشاف المبكر، مما يسهم في إبطاء تقدّم المرض. إليكم بعض الإرشادات الموصى بها:
- التوجه لفحوصات العين بشكل منتظم، حيث تساعد الفحوصات على اكتشاف الجلوكوما في المراحل المبكرة، مما يتيح اتباع العلاجات المناسبة. توصي الأكاديمية الأمريكية لطب العيون بإجراء الفحص كل 5-10 سنوات لمن هم دون الأربعين، وكل سنتين إلى أربع سنوات لمن تتراوح أعمارهم بين 40-54 سنة، وسنويًا إلى ثلاث سنوات لمن هم بين 55-64، وسنويًا إلى سنتين لمن هم فوق 65 سنة. يجب إجراء الفحص بشكل أكثر تكرارًا في حالة وجود تاريخ عائلي للجلوكوما.
- معرفة التاريخ العائلي المتعلق بصحة العين، حيث قد تكون الجلوكوما وراثية، ما يستدعي القيام بفحوصات دورية.
- ممارسة التمارين الرياضية بشكل معتدل ومنتظم، حيث يساهم ذلك في تقليل ضغط العين. يُنصح باستشارة الطبيب حول برنامج التمارين المناسب.
- استخدام قطرات العين بشكل منتظم كما وصفها الطبيب لتقليل خطر تطور عدم التوازن في ضغط العين.
- ارتداء نظارات حماية خلال ممارسة أنشطة قد تعرض العين للإصابات.